بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل الله ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فهذا سفر جديد ومؤلف نفيس ينشر لأول مرة، للعلامة القرآني والمجاهد الرباني، شيخ الإسلام والمسلمين أبي العباس أحمد ابن تيمية ﵀، نقدمه للذاكرين والذاكرات عسى أن يجدوا فيه ما يجلب لهم الطمأنينة والسكينة ونزول الرحمة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد:٢٨) .
ويأتي "التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير" على رأس ذكر الله؛ فهو من أجل منازل الذكر ومراتبها العالية.
فهو غراس الجنة الذي طلب نبي الله إبراهيم الخليل من نبينا ﷺ أن يخبرنا به ليلة أسري به؛ بقوله: "يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها:
1 / 5
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" (١) .
جلس عبد الله ابن عمرو وابن مسعود ﵃، فقال ابن مسعود: "لأن أخذ في طريق أقول فيه: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" أحب إلي من أنفق عددهن دنانير في سبيل الله ﷿، فقال عبد الله بن عمرو: "لأن آخذ في طريق فأقولهن أحب إلي من أن أحمل عددهن على الخيل في سبيل الله" (٢) .
ويقول عبيد بن عمير ﵀: "تسبيحة بحمد الله في صحيفة المؤمن خير من أن تسير أو تسيل معه جبال الدنيا ذهبا" (٣) .
وأما تحقيق نسبة الكتاب للمؤلف:
فقد أشار المصنف ﵀ إليه عند كلامه على نفس المسألة؛ حيث يقول: "وقد بسطنا الكلام على حقيقة التسبيح والتحميد ومعنى التسبيح بحمده في غير هذا الموضع" (٤) .
_________
(١) رواه الترمذي (٣٤٦٢) وغيره من حديث ابن مسعود وقال "حسن غريب"؛ وإسناده ضعيف إلا أن له شواهد تقويه، ولذا أورده الألباني في "الصحيحة" (١٠٥) .
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/٩٢) بإسناد حسن.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/٥٥، ٧/١٦٨) قال: حدثنا ابن عيينة عن عمرو ابن دينار عنه وإسناده صحيح.
(٤) "منهاج السنة النبوية" (٥/١٠٥) .
1 / 6
وهذا الموضع الآخر هو كتابنا هذا.
وقد ذكر هذه القاعدة ابن رشيق ﵀ بعنوان: "قاعدة في التسبيح والتحميد والتهليل" (١) .
وبنفس هذا العنوان ذكره العلامة ابن عبد الهادي ﵀ (٢) .
وهذا العنوان قريب جدا مما جاء بعنوان المخطوطة "قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات وبيان اقتران التهليل بالتكبير والتسبيح بالتحميد" وهو ما اعتمدته هنا، لأنه أدل على المحتوى.
والناظر في كلام شيخ الإسلام على هذه القاعدة في مواضع أخرى من كتبه (٣) يؤكد بما لا يدع مجالا للشك تطابقه مع ما جاء بكتابنا هذا.
وصف النسخة:
فقد اعتمدت على نسخة وحيدة، تقع ضمن "مجموع" يضم عدة رسائل لشيخ الإسلام، وهو مقتنيات "خزانة رئيس الكتاب" الملحقة بـ"السليمانية" بتركيا وهي تحت رقم (١١٥٣) .
_________
(١) "أسماء مؤلفات ابن تيمية - ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام" (٢٤٢) .
(٢) "العقود الدرية" (٥٩) .
(٣) راجع: "مجموع الفتاوى" (١٠/٢٥٢-٢٥٤) و(١٦/١١٢-١١٨) و(٢٢/٥٥٠، ٥٥١) .
1 / 7
وتقع هذه النسخة في ٧ ورقات من هذا المجموع، وهي تمثل الورقات من (١٨٢و) إلى (١٨٧ظ) وكل صفحة بها ٢٣سطرا.
وفي كل سطر ما يقرب ١٥ كلمة، وهي مكتوبة بخط واضح جميل منقوط، وقليلة الأخطاء.
وأما عملنا في التحقيق:
فقد اتخذت هذه النسخة أصلا.
كما قمت بضبط فقرات الكتاب كلها، ونسقت عباراتها ورقمت فقراتها برقم مسلسل ووضعت لها عناوين جانبية.
كما قمت بعزو الآيات ووضع العزو بجوار الآيات، وخرجت الأحاديث والآثار وبينت مرتبتها من حيث القبول والرد.
كما وضعت بعض التعليقات المهمة وأكثرها من كلام شيخ الإسلام من كتبه الأخرى، وبعض المصادر الأخرى
كما صنعت له فهارس للآيات والأحاديث والآثار والموضوعات.
والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الإسماعيلية في ١١محرم ١٤٢٢هـ
أبو محمد أشرف بن عبد المقصود
غفر الله له
1 / 8
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين.
فصل
في الباقيات الصالحات
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
أفضل الكلام بعد القرآن
١- فقد ثبت في الصحيح (١) عن النبي ﷺ أنه قال: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع؛ وهن من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
_________
(١) الذي في "صحيح مسلم " (٢١٣٧) (١٢) عن سمرة بن جندب بلفظ: "أحب الكلام إلى الله أربع.." الحديث. وأما اللفظ الذي ذكره المصنف فهو عند أحمد (٥/٢٠) . وقد صرح بتواتره المصنف، كما في "الرد على المنطقيين" (٣٥) حيث قال: "وتواتر عن النبي ﷺ أنه كان يعلم أمته ذكر الله تعالى بالجمل التامة" ثم ذكر الحديث.
وراجع أيضا: مجموع الفتاوى (١٠/٥٥٣) .
1 / 17