Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Publisher
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤١ هـ
Publisher Location
السعودية
Genres
فِي "صَحِيحِهِ" عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَد جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ؛ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ".
قُلْت: فَهَذَا رَجُلٌ كَثِيرُ الشُّرْبِ لِلْخَمْرِ، وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا كَانَ صَحِيحَ الِاعْتِقَادِ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَنَهَى عَن لَعْنِهِ.
وَأَمَّا الْمُبْتَدِعُ فَمِثْلُ مَا أَخْرَجَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخدري وَغَيْرِهِمَا -دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَسِّمُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأسِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أثَرُ السُّجُودِ، وَقَالَ مَا قَالَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْرُجُ مِن ضئضئ هَذَا قَوْمٌ يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ صَلَاَتهُ مَعَ صَلَاِتهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِن الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّةِ، لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنهُم قَتْلَ عَادٍ".
وَفي رِوَايَةٍ: لَو يَعْلَمُ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُم مَاذَا لَهُم عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ لَنَكَلُوا عَن الْعَمَلِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ خَيْرُ قَتْلَى مَن قَتَلُوهُ.
قُلْت: فَهَؤُلَاءِ مَعَ كَثْرَةِ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتِهِمْ وَمَا هُم عَلَيْهِ مِن الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ أَمَرَ النَّبِي صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَفَمَ بِقَتْلِهِمْ، وَقَتَلَهُم عَلِي بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَن مَعَهُ مِن أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ؛ وَذَلِكَ لِخُرُوجِهِمْ عَن سُنَّةِ النَّبِيِّ وَشَرِيعَتِهِ.
1 / 61