Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Publisher
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤١ هـ
Publisher Location
السعودية
Genres
فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَهْيُ تَحْرِيم، فَفِي الصَّحِيحِ (^١) عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَن كانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ باللّهِ أَوَ لِيَصْمُتْ"، وَفِي الترْمِذِيِّ (^٢) عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَن حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَد أَشْرَكَ".
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِن الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْيَمِين بِأَحَدٍ مِن الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا فِي نَبِيِّنَا ﷺ، فَإِنَّ عَن أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ فِي أَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ، وَقَد طَرَدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ - كَابْنِ عَقِيل - الْخِلَافَ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَأَصْلُ الْقَوْلِ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالنَّبِيِّ ضَعِيفٌ شَاذٌّ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدُ مِن الْعُلَمَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَدَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. [١/ ٣٣٥ - ٣٣٦]
* * *
(معنى قوله تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾)
٢١٩ - قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١]، فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ: إنَّمَا يَسْأَلُونَ باللهِ وَحْدَهُ لَا بِالرَّحِمِ، وَتَسَاؤُلُهُم باللهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ إقْسَامَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ باللهِ، وَتَعَاهُدَهُم باللهِ.
وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَقَد قَالَ طَائِفَةٌ مِن السَّلَفِ: هُوَ قَوْلُهُم أَسْأَلُك باللهِ وَبِالرَّحِمِ، وَهَذَا إخْبَارٌ عَن سُؤَالِهِمْ.
وَقَد يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيل عَلَى جَوَازِهِ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَسْأَلُك بِالرَّحِمِ لَيْسَ إقْسَامًا بِالرَّحِمِ -وَالْقَسَمُ هُنَا لَا يَسُوغُ- لَكِنْ بِسَبَبِ الرَّحِمِ؛ أَيْ: لِأَنَّ الرَّحِمَ تُوجِبُ لِأَصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا؛ كَسُؤَالِ الثَّلَاثَةِ للهِ تَعَالَى بِأَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ، وَكَسُؤَالِنَا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ وَشَفَاعَتِهِ. [١/ ٣٣٩]
* * *
(^١) البخاري (٢٦٧٩). (^٢) (١٥٣٥).
1 / 169