282

Al-tanṣīr ʿabr al-khadamāt al-tafāʿuliyya li-shabakat al-maʿlūmāt al-ʿālamiyya

التنصير عبر الخدمات التفاعلية لشبكة المعلومات العالمية

وأمّا الطّعن بأنّ ذلك اقتضى مباشرة سالم لجسد سهلة فإنّه مدفوع باحتمال أنها حلبت له اللبن في إناء ثم شربه، ويؤيده أنّ سهلة لما جاءت إلى النبي ﷺ شكت غيرة أبي حذيفة. فإذا كانت الغيرة من مجرد الرؤية فإنّه يبعد أن تكون المعالجة بالإرشاد إلى ما هو أشد من ذلك بمباشرة الثدي وامتصاصه.
وعلى فرض حصول المباشرة فإنّ دافع الشهوة غير وارد مِن هذا الابن الذي تفتحت عيناه منذ طفولته على اعتبار أمِّ حذيفة أمّه الحقيقية، حيث لم يعرف في الحياة غيرها.
والمشاعر التي ستعتري كلّ سويٍّ من البشر لو كلّف الرضاعة من ثدي أمّه -وإن كان في سن الشباب- لن يكون من ضمنها الشّهوة قطعًا.
الأمر الثّاني عشر: وأمّا الشبهة الثالثة، المتعلقة باسم (قُثَم)، فقد أخذت طريقها للشيوع في الشبكة بعد أن استعرض أحد الصُّحُفيين كتاب "تاريخية الدعوة المحمديّة في مكة" للتونسي المدعو هشام جعيط (١).
وقد حشا المؤلف بحثه بالتشكيك في السيرة النبويّة، وكاد أن لا يترك شيئًا من تفصيلاتها إلا رجَّح خطأه، وأتى بالتصحيح المعتمد على مخترَعات ذهنه؛ المستقي من كتب المستشرقين والمنصرين؛ المتنكب سبيل البحث العلمي الموضوعي؛ وإن ادعى خلاف ذلك.
ومن جملة مفترياته أنّ النبي ﷺ كان لا يُدعى إلا قُثمًا طيلة سنيِّ عمره الأربعين، ثم لما انتقل إلى المدينة وظهرت دولته سمّى نفسه محمدًا ليوافق بشارة الكتب السّابقة به (٢).
وقد أخذ المنصرون هذا القول وشغبوا به، ونشروه في منتدياتهم ومجموعاتهم البريديّة، وباقي منافذ الخدمات التفاعليّة، مضيفين إلى شناعته فريةً أخرى، فقالوا: إنّ كلمة "قثم" تعني الفاسد، وهذا هو سبب تغيير النبي ﷺ له.
ولعلّ سبب قولهم هذا فرارهم من الإشارة إلى بشارة التوراة والإنجيل بالنبي ﷺ، وورود اسمه الصريح فيهما.

(١) وذلك في موقع: www.islamonline.net
(٢) انظر: تاريخية الدعوة المحمدية في مكة، هشام جعيط، ص١٤٩.

1 / 282