Paradise Under Your Feet
الدفاع عن الله ورسوله وشرعه
Genres
بيان الحديث الذي أنكره مصطفى محمود
نتعرض لنفس الحديث الذي تعرض له مصطفى محمود وأنكره.
هو حقًا في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري، وجاء بغير هذه الزيادة التي أنكرها مصطفى محمود من رواية أبي هريرة وغيره، والحديث مستفيض حتى بلغ درجة التواتر أو كاد يكون كذلك، وهذا الحديث قد اشتمل على الفوائد بالشيء الكثير، أذكرها لكم سريعًا.
قال الإمام النووي: (باب: معرفة طريق رؤية الله ﷿ وإثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار).
لا بد أن تقف عند قول الإمام النووي وفهمه لهذا الحديث، قال: (باب إخراج الموحدين من النار)، عنى النووي بذلك قول النبي ﵊ فيه: (إن الله تعالى يخرج أقوامًا من النار قد امتحشوا وصاروا حممًا -أي: فحمًا- فيلقي بهم في نهر الحياة) وفي رواية: (في نهر الحياء أو الحيا، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل من غير عمل عملوه ولا خير قدموه).
فالإمام النووي قصد بالموحدين هؤلاء الأقوام الذين امتحشوا في نار جهنم وأخرجهم الله ﷿ برحمته لأنهم موحدون؛ ولأنهم قالوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، قصّروا في العمل وتركوا الطاعة، ولكنهم لم يرتكبوا المنهيات من الزنا وشرب الخمر والسرقة والإلحاد في أسماء الله وصفاته، ورفض شرعه وغير ذلك مما يفعله ملاحدة الزمان، فكل الذي عملوه أنهم آمنوا بالله وآمنوا برسول الله، وصدّقوا بالقرآن، وصدّقوا بالسنة ولم ينكروا منها شيئًا، ولكنهم لم يعملوا بشيء من القرآن ولا بشيء من السنة، وأنت ترى الآن في الشوارع والطرقات شبابًا يتسكّعون، هم من أهل ملتنا ومن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، ولو رأوا واحدًا من اليهود أو النصارى قالوا: هذا ابن كلب، هذا كافر، هذا رجس، هذا آكل للحم الخنزير.
يقول ذلك وهو تارك للصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحج كذلك تخلف عنه مع قدرته واستطاعته.
أقول: الصلاة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن تارك الصلاة كافر خارج بالكلية من دين الله ﷿، وحجتهم وجيهة، وجمهور العلماء فرقوا بين تارك الصلاة كسلًا وتاركها متعمدًا، أما الذي قال بأن تارك الصلاة عمدًا كافر فيستدل بقول النبي ﷺ (بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة)، وتارك الصلاة كسلًا لا يخرج من الملة، ولكن يصدق عليه اسم الكفر؛ لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله البجلي أن النبي ﵊ قال: (بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر وأشرك) وفي رواية: (فقد كفر أو أشرك).
ويقول أبو وائل شقيق بن سلمة: (أدركنا أصحاب النبي ﵊ وهم لا يعدون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة).
فلما كانت هذه النصوص وغيرها في شأن تارك الصلاة من عدمه؛ قال العلماء: إن حديث أبي سعيد الخدري ينطبق على من فرّط في الطاعة دون التوحيد والصلاة، والجمهور يقول: هذا من فرّط في طاعة الله جملة إلا التوحيد.
النووي عليه رحمة الله حينما بوب لهذا الحديث بباب إخراج الموحدين من النار: إنما عنى أن الموحد من قال: لا إله إلا الله، وفي ذلك خلاف أيضًا: هل الموحدون هؤلاء هم من أمة النبي ﵊ فقط أم من جميع الأمم قبل مبعث النبي ﷺ؟ أي: هل هؤلاء من أمة اليهود قبل مبعث عيسى، أو من أمة عيسى قبل أن يبعث الله محمدًا، أو هم من أمة محمد ﵊ فقط؟ وقع الخلاف.
والراجح: أنهم من أمة محمد ﵊.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
4 / 8