============================================================
وإذا كان اليوسفي قد رسم تلك الصورة القاتمة عن وضع الادارة المملوكية إلا آنه حاول أن يلطف الأمر قليلا من خلال حديثه عن وظيفة الحسبة، حيث يخبرنا أن السلطان كان يراعي في اختيار صاحبها قواعد الشرع والأحكام(1)، فهو لم يقيل شفاعة بعض أمرائه المقربين لدعم مرشح غير كفوء لتولي هذا المنصب وقد دفعهم بقوله: "هذا المتصب منصب كبير، ما يمكن أن يكون فيه إلا من يعرف الشرع والأحكام"(2). وعلى هذا الاساس استقدم السلطان ضياء الدين بن خطيب بيت الابار ناظر المارستان، وقد اشتهرت عنه هضته وكفايته وأمانته وفوض اليه الحسبة بمصر والقاهرة(2). ويشير المؤرخ إلى الدور الهام الذي لعبه الضياء في مكافحة الغلاء الذي حل بمصر والقاهرة سنة 1336/736، وذلك من خلال الاجراءات الصارمة التي اتخذها لضبط الاسعار ومكافحة الغلاء، فقد "ختم على سسائر شسون الأمراء والتجار بالقاهرة، ولم يسمح بفتحها إلا بأذن منه(4). ولما علم المحتسب بمخالفة سمسار الأمير سيف الدين قوصون لاجراءاته((5) وفتح شونة الأمير وباع قسما من المخزون بما يفوق السعر المعلن، أمر باعتقاله ومعاقبته، وأخبر السلطان بما اتفق، فسارع السلطان إلى طلب قوصون ونهره وضربه ثم عاقب استاداره، فتهيب الأمراء مما جرى، ولم يجسر أحد بعدها آن يتصرف في شونة إلا بأمر المحب(2).
(1) واجع ابن الاخوة *(معالم القرية: 1ه - 10) حيث توجد تفصيلات مفيدة عن شرائط الحبة وصفات المحتسب. انظر أيضا: ماجد، نظم دولة سلاطين المماليك ا 114 (1) المخطوط: 146و.
(3) المصدر نفسه: 10ظ (4) ايضا: 110و (5) نشير هنا إلى آن المحتسب كان يتخذ له عيوتا يوصلون إليه الاخبار.
الشيزري، نهاية الرتية: 10.
(1) المخطوط: 110ظ- 111و.
Page 80