80

Nuzhat Absar

نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

Genres

ومما تذكرته: وصية عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم لأحد ابنيه محمد وإبراهيم: إني مؤد حق الله في تأديبك فأد حق الله في الاستماع مني، أي بني، كف الأذى وأفض الندى واستعن على الكلام بطول الفكر في المواطن التي تدعوك فيها نفسك إلى الكلام فإن للقول ساعات يضر فيها الخطأ ولا ينفع فيها الصواب، وأحذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحا كما تحذر مشورة العاقل إذا كان غاشا، وإذا احتجت إلى رأيك ووجدته نائما وسواك يقظان فلا تستبد برأيك فإنه حينئذ هواك، ولا تفعل فعلا إلا وأنت على يقين إن عاجلته لا يرديك، وإن تنتحيه لا يجني عليك، وإياك ومعادات الرجال، فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم.

وقال بعض الحكماء لابنه: ((اقبل وصيتي: إن شرعة ائتلاف قلوب الأبرار كشرعة اختلاط قطر الماء بالأنهار، وبعد الفجار من الائتلاف كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اختلافها على رأي واحد، كن بصالح الأعمال أعنى منك بكثرة عدتهم، فإن اللؤلؤة خفيف حملها كثير ثمنها والحجر فادح حمله قليل عناؤه.

وعن الأحنف: الحسود لا راحة له، والبخيل لا مروءة له، والملول لا وفاء له ولا يسود سيء الخلق)). وقيل له: بم بلغت ما بلغت؟ قال: ((لو عاف الناس الماء ما شربته)). وقال: من لم يسخ نفسه عن الحظ الجسيم للعيب الصغير لم يعد شفيقا على نفسه ولا صائنا لها)).

Page 179