Nuzhat Absar
نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء
Genres
وفي كل واحد من الأوس والخزرج بطون كثيرة، [ووقع في أخبار الأوس بن حارثة أنه عاش دهرا، وليس له ولد إلا ملك وكان لأخيه الخزرج خمسة: عمرو، وعوف، وجشم والحارث، وكعبا، فلما حضره الموت قال له قومه: قد كنا نأمرك بالتزوج في شبابك فلم تتزوج حتى حضرك الموت فقال له الأوس: ((لم يهلك هالك ترك مثل مالك. وإن كان الخزرج ذا عدد وليس لملك ولد، فلعل الذي استخرج العذق من الجريمة، والنار من الوثيمة أن يجعل لك نسلا ورجالا بسلا. يا ملك المنية ولا الدنية، والعتاب قبل العقاب، والتجلد لا التبلد، وأعلم أن القبر خير من الفقر وشر شارب المشتف، وأقبح طاعم المقتف، وذهاب البصر خير من كثير النظر، ومن كرم الكريم الدفاع عن الحريم، ومن قل ذل، ومن أمر قل، وخير الغنى القناعة، وشر الفقر الضراعة. والدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك لا تبطر، وإذا كان عليك فأصبر، وكلاهما سيحضر، فإنما تعز من ترى ويعزك من لا ترى، ولو كان الموت يشترى لسلم منه أهل الدنيا، ولكن الناس فيه مستوون، الشريف الأبلج واللئيم المعلهج، والموت المبيت خير من أن يقال لك هيت، وكيف بالسلامة لمن ليس له إقامة، وشر المصيبة سوء الخلق، وكل مجموع إلى تلف، حياك إلا هك)).
بيان وتفسير
قوله: ((لم يهلك هالك ترك مثل مالك)) كأنه مثل ونظمه بعض المتأخرين فقال:
فلم يمض من أبقى من المجد إرثه ... ولم يلق هلكا تارك مثل مالك
والعذق النخلة نفسها، والوثيمة بمعنى الموثومة أي الموطوءة، يريد قدح حوافر الخيل النار من الحجارة والعرب تقسم بهذا فتقول:
Page 176