359

Nuzhat al-abṣār bi-ṭarāʾif al-akhbār wa-l-ashʿār

نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار

Publisher

دار العباد

Publisher Location

بيروت

Genres

أمولاي إن الحاسدين تفننوا ... بذنبي ولكن أنت عن ذلك صافح
فإني وإن لم أخط جئتك تائبًا ... وإن كنت ذا ذنب فأنت المسامح
ولا أبتغي إلا رضاك لأنني ... عبيد ببحر من أياديك سابح
فشأنك صفح والسماح شعاره ... وبابك باب الحلم بالعفو فاتح
إذا صح لي من الرضى بت شاكرًا ... وحققت أن الدهر بالعهد فاصح
وإن حزت صفحًا مثل عهدي بحلمكم ... فما الدهر إن خصم هو أم مصالح
فلا تنكروا عبدًا نشا في نعيمكم ... أتقطع إذ تجني فروع سوانح
بنو أسعد للحلم أنتم وللرضى ... وإن جنت الظلماء أنتم مصابح
وإن شحت الأنواء أنتم سحائب ... وإن دارت الهيجاء أنتم صحاصح
لعلياكم هيفاء مدح تقدمت ... وفيكم لسان الحمد بالشكر فاصح
علي الرضى خذها بحلم ومهرها ... إذا سعدت عفو وهذا المهر رابح
فلا زلت ذا فضل يلألأ فضله ... تزف بنات النظم فيه القرائح
وقال متغزلًا ويذكر بعض معاهده:
سرى النسيم بعرف من ربى الطلل ... مؤرجًا بربوع الحي والحلل
محملًا نشر أشواق تفوح لنا ... شذاء عطر شممناه على عجل
أتى فخبر عن ذات الجعود وعن ... أم الخدود وعن دنانة الحجل
جرى فذكرني يوم الوداع وما ... عهدته باعتناق الحب والقبل
يا قلب صبرًا وكن منه على أمل ... من حيث قررت أن العيش في الأمل
وذات حسن عرفناها وكم ذرفت ... يوم الرحيل دميعات على المقل
نأيت عنها ودهري غير معتدل ... وسوف من بعده يأتي بمعتدل
قامت تودعني يوم البعاد ضحى ... تميس مثل اهتزاز الشارب الثمل
ثم استمرت وقالت وهي باكية ... تالله ما عشت عن حبيك لم أمل
وأشواق قلبي لذياك الحمى وإلى ... أغصانه السالبات اللب بالميل
لله صب غدا بالوجد منفردًا ... مؤرق الطرف بياتًا على العلل
وجاذبته رياح الفجر عرف أسى ... ورنحت قده الأشجان بالوجل
يا حادي الركب قف بالشط معتكفًا ... نحو الديار وعج عن أيمن الجبل
وانشد هناك عن قلبي المشوق وسل ... ناشدتك الله عن جيراننا الأول
واحبس قلوصك يا حادي وعج بحمى ... وادي الجديد ذات السح والهطل
وسائل الريح هل مرت بذي حدر ... فوق الكناس ذوات الأربع الخضل
وقف بعوجاء وادي النهر واعش إلى ... تلك الطلول ومل بالربع واشتمل
عسى تصادف من أضحى به تلفي ... ومن سباني بنبل الأعين النجل
فاشرح له حال صب ما يكابده ... من لوعة البين والتشتيت والنكل
لولاه ما بات لي جفن أريق اسى ... كلا ولا فاض لي دمع على طلل
سقاك يار بع أحبابي ومعهدهم ... دمعي صباحًا ودمع العارض الهطل
فما فؤادي سلا عن حفظ حبهم ... وعهدهم ليس لي عنهم بمبتدل
كيف السبيل إلى السلوان يا تلفي ... هذا غرامي وفيه منتهى أجلي
يا صاحبي إذا شاهدتماه غدًا ... فذكراه بماضي عيشنا النفل
وبلغاه وقولا في حديثكم ... الصبر غايته أحلى من العسل
وقال متغزلًا أيضًا:
كفي فإن سحاب الجفن قد وكفا ... وأنعمي إن ما لاقيت منك كفى
ما ترحمي حال مفتون الغرام ومن ... لغير حبك يومًا قط ما ألفا
قد حن لي مضجعي عند المنام كما ... قد رق لي عاذلي عند البكا لهفا
من لي بسحارة العينين مائسة ال ... عطفين قامتها الهيفا قد حكت ألفا
لم أنس حين أتت تهتز من وله ... لدى المحب وتثني قدها كلفا
ماست بغصن علاه البدر واك ... تسبت مستشرفين من البلور فد خطفا
يا عاذليَّ دعاني فالهوى تلفي ... ولست أصغي لعذل فاتركا السرفا
وعللاني بذكراها ومعهدها ... وأطربا مغرمًا في حبها دنفا
أحبابنا كيف حال العهد عندكم ... إن الفؤاد بحال الحب ما خلفا
فمن رأى لوعتي بالوجد بان له ... صدقي وجدبه عشق وقد شغفا
ولو رأى وجهك الوضاح بدر دجى ... لعاد مستترًا أو راح منخسفًا
ول رأى المزن دمعًا كنت أسكبه ... هتان من مقلتي فيضًا لما ذرفا

1 / 359