92

Nur

النور لعثمان الأصم

Genres

وبيان ذلك قال الملحدون: وكيف يجوز أن يكون البارئ الذي تسمونه حكميا، وقد خلق خلقا، ثم كلفهم، مع معلمه أنهم يعصون، فيصيرون إلى النار، فلو لم يخلقهم ما كفروا، واستحقوا النار؟

قال الموحجون: إن وجب أن يكون الخلق والتبليغ بالتكليف قبيحا، ولا يكون حكمة، لكان لا شيء أوضع ولا أحسن من العقل، ولا أضر منه؛ لأن الإنسان متى لم يكن عاقلا، لم يلحقه لوم في شيء، مما يكون منه. ولم يلزمه عذاب. ومتى كان عاقلا، لحقه ذلك. والأمة الموحدة والملحدة، مجمعون على شرف العقل وفضله. وإنما كفر من كفر بسوء اختياره، لا أن التبليغ والتكليف، حملهم على ذلك.

الباب التاسع والمائة

في الرد على من قال: إن أهل الجنة مكلفون في الجنة أم لا؟

قال المؤلف: لو كلف الله أهل الجنة في الجنة، كما كلفوا في الدنيا، كان الأمر من الوعد والوعيد، كما كانوا في الدنيا.

فإن قيل: إن فرض معرفة الله، والشكر له، لا بد لأهل الجنة من ذلك.

قيل له: إن أهل الجنة، لم يدخلوا الجنة، إلا وهم عارفون بجميع ذلك. فبعد استقرار ذلك في قلوبهم، لا ينسون ذلك، ليعاد عليهم التكليف مرة أخرى. وبالله التوفيق.

الباب العاشر والمائة

في الرد على من قال: هل ابتدأ الله الخلق

في الجنة وأرواحهم من التكليف

قال المؤلف: لو ابتدأ الله الخلق في الجنة، لوجب في الحكمة: أن يدعوهم إلى معرفته وشكره، وأن لا يبيح لهم جهل معرفته، وكفر نعمته؛ لأن فاعل ذلك غير حكيم.

ولو دعاهم إلى معرفته، وشكر نعمته، لم يكن بد من أن يتوعدهم على ترك ذلك، وأن يقبحه عندهم بالزجر، وأن يفعل لهم من الترغيب فيه، والترهيب من تركه، ما يقوم مقام الوعد والوعيد.

ولو أمرهم بمعرفته، وشكر نعمته، ووعدهم وتوعدهم، فقد كلفهم وامتحنهم. فكان الأمر يعود إلى ما هم عليه، في دار الدنيا، من الامتحان والتكليف.

الباب الحادي عشر والمائة

Page 92