219

Al-Nūr li-ʿUthmān al-Aṣamm

النور لعثمان الأصم

Genres

ولا يوصف، بأنه ذكي، لأن الذكاء: هو حدة القلب، وسرعة تلقنه. فلما لم تجز على الله حدة القلب، إذ كان ليس بذي قلب، ولا جارحة، لم يجز أن يوصف بالذكاء. يقال: قلب ذكي، إذا كان سريع الفطنة.

ولا يوصف بالذراية؛ لأن الذارية هي خفة اللسان، وسرعته في التحريك للكلام. كما أن الذكاء هو حدة القلب، وسرعة تقلبه. فلما لم يكن لله تعالى لسان لم يجز أن يوصف الذراية والذرب: الحاد من كل شيء. يقال: لسان ذرب، وسم ذرب، وطعام مذروب.

ولا يوصف الله تعالى، بأنه يصف الأشياء، على معنى أنه يعلمها، كوصفنا لأنفسنا، والحفظ لما علمناه من القرآن وغيره ولئن وصفناه بذلك توسعا ومجازا. ومرادنا بذلك أنا إذا علمنا، لم يذهب عنا.

فلما كان الوصف لنا بالحفظ، من هذا المعنى مجازا، لم يجز أن يوصف الله تعالى، بأنه حافظ للأشياء، على معنى أنه يعلمها.

وإنما يوصف بأنه يحفظ الأشياء، على معنى الحفظ المعقول في الشاهد، بأن يصرف عنا الذهاب والضرر والفساد.

ولا يوصف الله تعالى بالفرح، لأن الفرح إنما يجوز على من يجوز عليه الغم، ومن تصل إليه المنافع والمضار. وهذا لا يجوز على الله وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أفرح بتوبة العبد من العبد، إذا ضلت راحلته في أرض فلاة. وعليها زاده وماؤه فلقيها الخبر. إنما وصف بذلك توسعا، وأرادوا به أنه مريد لتوبة عبده، كاره لإصراره على ذنبه.

ولا يقال: إن الله تعالى عجب من كذا، لأن العجب إنما يحدث ممن لم يعلم فعلم، فعجب عند ذلك. مما علم والله تعالى، لم يزل عالما بالأشياء. فلا يجوز أن يعلم منها ما لم يكن علمه فيعجب منه.

وقال الأشعري: إنما عجبه، بأن عظم ذلك عنده. ومنه قوله تعالى: { بل عجبت ويسخرون } أي بل عظم أمرهم.

وقول: معنى عجب: رضى وأناب فسماه عجبا. وليس بعجب في الحقيقة، كقوله: { ويمكر الله } وإن المكر منفي عن الله.

Page 219