الله تعالى: الخالق والخلاق. فالخالق: معناه: أنه ابتدأ الخلق أول مرة.
والخلاق: لأن من شأنه أن يخلق كل يوم خلقا، من بعد خلق. فالخالق، على وزن فاعل، كقولك: قاتل. وخلاق، على وزن قتال. فالخلق: المصدر. قال تعالى: { هذا خلق الله } معنى الخلق. فاشتقاقه التقدير. فسم نفسه خالقا؛ لأنه قدر الأشياء كلها، ثم أمضاها. فهو الخالق في ابتدائه الخلق. والخلاق، في تتميمه إياه إلى آخر الأبد، بعلم وحكمة. وخلقه تام مصلح، لا فساد فيه.
فالخالق: هو المقدربعلم وحكمة: يقال: خلق: إذا قدر بعلم وحكمة، وتدبير ومعرفة. وخرق: إذا قدر بغير علم، ولا تدبير. ومنه قيل لمن لا يحسن العمل: أخرق. والمرأة: خرقاء. قال الله تعالى: { وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم } . أي كان تقديره لهم، حين خلقهم بعلم وحكمة وقدر.
وأما ما نسبوا إليه، من البنين والبنات، كذبا بغير علم وحكمة. فسمى فعلهم وخلقهم خرقا، إذا كان جهلا وفسادا. قال الله تعالى: { وتخلقون إفكا } .
قال أبو عبيدة: يقدرون كذبا. يقال: قد يخلق- كذبا. فقيل لله تعالى: خالق، لأنه يفعل أفعاله مقدرة، على ما دبرها عليه. وهذا هو معنى الخالق في اللغة.
وقوله تبارك وتعالى: { تبارك الله احسن الخالقين } يقول: أحسن الفاعلين.
وذلك أن خلق وفعل ودبر وصنع وأنشأ وأحدث واخترع وقضى وقدر وصور، أسماء مختلفة، معناها واحد في اللغة، غير أن المعنى في الفعل يختلف. والله يفعل بأن يخرج الأشياء من العدم إلى الوجود، ويحدثها لا من شيء. ويجعلها على ما هي عليه، من مخالفتها ما خالفت، وموافقتها ما وافقت. والخلق يفعلون بخلاف ذلك المعنى.
وذلك أنهم يفعلون بأن يكتسبوا ويتحركوا، ويطيعوا ويعصوا، لا يمكنهم غير ذلك.
مسألة:
إن قالت الصابئة: ما الدليل على أن الله خالق موجود؟
Page 158