119

Nur

النور لعثمان الأصم

Genres

قال بعض قومنا: إن محبة الله: إرادته لخصوص الإنعام، من القربى والزلفى ورحمته: إرادته لعموم الأنعام، من التوفيق والخبر. وإرادة الله للعقاب والشر: سخط، وإرادة غضب. وبالله التوفيق.

الباب الثالث والثلاثون والمائة

في حب العباد لله عز وجل

قال المؤلف: حب العباد لله عز وجل، إنما هو حب طاعته؛ لأن الله تعالى ليس بشخص، فيقع عليه الوهم، لكي يحب ما يقع عليه وهمه.

وقيل: علامة حب الله للعبد: أن يوفقه لطاعته، ويعصمه عن معصيته.

وقال بعض قومنا: محبة العبد لله: حالة يحدثها البعد في قلبه. وهي ألطف من أن يعبر عنها بلسان، وأشرف من أن يشار إليها ببنان ويستحيل أن تكون محبة العبد لله، بالكيفية والإحاطة بالأبنية، لأن الله تعالى منزه عن هذه الأوصاف الدنية. وبالله التوفيق.

الباب الرابع والثلاثون والمائة

في تكليف من علم الله، أنه لا يؤمن

والرد والبيان لمن تشبه في ذلك

إن سأل سائل فقال: أليس الله تعالى ، خلق الخلق للصلاح. فكيف حسن أن لكلف من علم حاله أنه لا يؤمن، بل يئول أمره إلى الكون، في العذاب الدائم؟

قيل له: إن الله تعالى، قدر فعل بهذا الذي اختار الكفر، غاية ما يصلحه، فيما كلفه، إذا قدر كما قدر المؤمن، ومكنه فيما يتوصل به إلى الخلود في جنات النعيم. وإنما أهلك هذا الكافر نفسه، حين عصى ربه، وركب هواه، وكفر نعمة الله عليه، بفعله إقامة النعيم، لا فعل الله تعالى، وإحسان المحسن، لا يصير إساءة، يجحد من جحده، وكفران من كفره ألا ترى أن عطشانا، لو مكناه من الماء البارد، فامتنع من شربه، حتى مات من عطشه، لكان الذي يلحقه من إهلاكه لنفسه دوننا. وكلنا في عقل كل عاقل، محسنين إليه، إذ مكناه مما ينجو به وهو الذي أمات نفسه، وأحرم نفسه النجاة.

كذلك تكليف الله لما كان ممكنا مما ينجو به، لا يخرج عن أن يكون صلاحا له، وإن جعله هو فسادا بعصيانه.

Page 119