116

Nur

النور لعثمان الأصم

Genres

قال أبو علي: جعل الله أعمالهم السيئة، طبعا على قلوبهم. ركبوا الذنب على الذنب، حتى ران القلب واسود.

ومن بعض كتب قومنا:

قال الطبع والختم واحد؛ لأنك تقول: طبعته، أي حتمته. والطابع : هو الخاتم.

وقال بعض أصحابنا في معنى الختم والطبع: إنه معنى الخذلان. وتركه لهدايتهم. يدل على ذلك قوله تعالى: { ويذرهم في طغيانهم يعمهون } . وقوله: { ويذرهم في طغيانهم } راجع إلى معنى؛ به يصيرون ضالين. وهو الذي يوصف به طبع وختم وغشاوة.

ومن كتاب الثعالبي:

إن معنى الآية : { طبع على قلوبهم } أغلقها وأقفلها، فلا تعى خيرا، ولا تفهمه. يدل عليه قوله تعالى: { أم على قلوب أقفالها } .

قال المؤلف: والختم والطبع من الله يكون ذلك، عند فعل العبد المختوم، على قلبه، المطبوع عليه، لا قبل ذلك ولا بعد؛ لأنه لو كان قبل ذلك، لكان حجة للعبد على الله يوم القيامة، إذ قد ختم على قلبه وطبع، فلم يقدر أن يؤمن فكيف يلزمه فعل شيء، صده عنه بالختم والطبع تعالى الله عن ذلك. وليس الختم والطبع من الله، هو شهادة على العبد أنه لا يؤمن، كما قالت المعتزلة.

ومن كتاب الأكلة:

قال: حقيقة الطبع والختم والأكنة والأغشية: إنما هو فعل ما به يصير القلب مطبوعا ومختوما عليه، ومغطى عن الحق، لأن الأكنة هي الأغطية.

ولا يجوز أن يكون قولنا: فلان قد طبع الكتاب، وطبع الشمع والطين، أي سماه مطبوعا. وإنما هو فعل معنى، يصير القلب والكتاب والطين والدراهم والدينار مطبوعا. هذا في كلام أهل اللغة. انقضى.

قال المؤلف: وهذا عند ضلال العبد، بسوء اختياره، لا قبل، ولا بعد، من الطبع والختم والضلال. وبالله التوفيق.

الباب الحادي والثلاثون والمائة

في الهدى والرد على القدرية في ذلك

الهدى على ضربين: هدى السعادة، وهدى البيان والدلالة والإرشاد إلى الحق فهدى السعادة، لا يستحقه إلا المؤمنون.

Page 116