ولا إخوة، كلهم يتركهم ويعود فيبقى في القبر وحده، ويَقْدُم على الله وحده ويقوم في الحساب وحده.
فهل لكم طاقة بحساب الله؟ فلماذا إذن لا تستفيدون من هذا العفو العام؟
ولا يقل أحد: إن ذنوبي كثيرة. أما سمعتم في الحديث الصحيح قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين رجلًا ثم أراد أن يتوب، فسأل راهبًا جاهلًا: هل لي من توبة؟ قال: لا. فقتله فكمل به المئة. ثم سأل عالمًا: هل لي من توبة. قال: نعم. وتاب وذهب ليعبد الله في بلد آخر، فمات على الطريق، فاختلفت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب؛ هؤلاء يقولون: مات تائبًا، وهؤلاء يقولون: ما عمل خيرًا قط. فأرسل الله مَلَكًا على هيئة رجل فقال: قيسوا الأرضين فإلى أيهما كان أقرب كان لها. وأمر الله الأرض التي قَتَل فيها أن تبتعد والأرض التي يريدها أن تقترب، فقاسوا فوجدوه أقرب إلى أرض التوبة فغُفر له.
* * *
وهذا شهر رمضان أوشك أن يولي، فصفّوا حسابكم مع الله لتخرجوا من رمضان بصحف بيض ونفوس زكية، وتوبوا إلى الله توبة نصوحًا.
وللتوبة شروط يا أيها الإخوة. أولها: أن تترك الذنب الذي تتوب منه، فمَن تاب من ذنب وهو لا يزال مقيمًا عليه كان كالمستهزئ بربه والعياذ بالله. وثانيها: أن تندم على الماضي وتعزم عزمًا أكيدًا على أن لا تعود إليه أبدًا. هذا في حقوق الله، أما في