والقاهرة (التي أُنشئت بعدها) (١)، وأقام فيها مسجدَه الجامع الذي لا يزال باقيًا بمنارته. ومنارتُه صورة معدَّلة من منارة مسجد «سُرّ مَن رأى» الذي تكلمت عنه فيه ذكرياتي (٢).
فلما تكرّر هذا الهاتف واستمرّ يرى هذه الرؤيا جمع من المال ما استطاع جمعه وسافر إلى مصر، وذهب إلى البيت الذي حُدِّد في المنام فإذا هو دار صاحب الشرطة (مدير الشرطة)، فحسبوه جاسوسًا وأمسكوا به، وقرّروه فلم يقرّ بشيء لأنه لا يُخفي شيئًا، فوضعوا رجليه في الفلق (٣) وضربوه ليَصلوا إلى إقراره، وهو يقسم لهم أنه لا يعرف شيئًا وإنما هو منام رآه. وقصّ عليهم ما رأى، فقال له صاحب الشرطة: إنك لأحمق؛ أنا أرى من سنين مثل هذا المنام وأسمع قائلًا يقول لي: إنّ رزقك في بغداد في الدار الفلانية في الطريق الفلاني تحت نخلة فيها، فأُعرِضُ عن المنام ولا أهتم به.
وتنبّه الرجل إلى أن الدار التي ذكرها صاحب الشرطة هي دارُه، والنخلة التي عيّنها فيها، فقال لهم: اتركوني فإنني أعود الآن إلى بغداد. وعاد وحفر تحت النخلة واستخرج منها جرّة ممتلئة بالدنانير.
* * *
(١) وفي موضع القطائع الآن حيّ السيدة زينب.
(٢) انظر مقالة «سُرّ مَن رأى» في كتاب «بغداد»، والحديث عنها أيضًا في الحلقة رقم (١٠١) من الذكريات (مجاهد).
(٣) الفَلَق الذي يسميه الناس الفَلَقة أو الفلكة.