119

Nukhb al-afkār fī tanqīḥ mabānī al-akhbār fī sharḥ maʿānī al-āthār

نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار

Editor

أبو تميم ياسر بن إبراهيم

Publisher

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1429 AH

Publisher Location

قطر

قوله: "لم يحمل الخَبَث" بفتحتين أي لا يحتمل نجسا لضعف قوته، هذا تأويلنا وهم يقولون: معناه لم ينجس بملاصقة النجاسة ووقوعها فيه.
وقال النووي: وأما قول المانعين من العمل بالقلتين: "إن معناه يضعف عن حمله" فخطأ فاحش من أوجه:
أحدها: أن الرواية الأخري مصرحة بلفظه وهي قوله: "فإنه لا ينجس".
الثاني: أن الضعف عن الحمل إنما يكون في الأجسام كقولك فلان لا يحمل الخشبة أبي يعجز عن حملها لثقلها، وأما في المعاني فمعناه لا يقبله.
الثالث: أن سياق الكلام يفسده؛ لأنه لو كان المراد أنه يضعف عن حمله لم يكن للتقييد بالقلتين معني فإن ما دونهما أولى بذلك.
وأجيب بأن تأويل المانعين في الرواية التي لفظها "لم يحمل الخبث" صحيح لأن المعنى لا يحتمل هذا الماء نجسا لعدم قوته كما يقال فلان لا يحمل ألف رطل أي يضعف عنه، وتأويلهم إنما هو في هذه الرواية، وأما الرواية الأخري فالجواب عنها أن العمل متعذّر؛ للاختلاف الشديد في تفسير القلتين.
وقال أبو عمر في "التمهيد": "وما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر؛ لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم؛ ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع".
وقال ابن حزم: "وأما حديث القلتين فلا حجة لهم فيه أصلًا لأن رسول الله ﷺ لم يحدّ مقدار القلتين، ولا شك في أنه ﵇ إذا أراد أن يجعلها حدّا بين ما يقبل النجاسة وبين ما لا يقبلها لمَا أهمل أن يحدّها لنا بحد ظاهر، لا يحيل، وليس [هذا] (١) مما يوجب على المرء ويوكل فيه إلى اختياره ولو كان ذلك لكانت كل قلتين -صغرتا أو كبرتا- حدّا في ذلك".

(١) من "المحلى" لابن حزم (١/ ١٧٥).

1 / 119