Nukat Wa Cuyun
النكت والعيون
Investigator
السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم
Publisher
دار الكتب العلمية
Publisher Location
بيروت / لبنان
والثاني: غير باغ في أكله فوق حاجته ولا عاد يعني متعديًا بأكلها وهو يجد غيرها، وهو قول قتادة، والحسن، وعكرمة، والربيع، وابن زيد. والثالث: غير باغٍ في أكلها شهوة وتلذذًا ولا عاد باستيفاء الأكل إلى حد الشبع، وهو قول السدي. وأصل البغي في اللغة: قصد الفساد يقال بغت المرأة تبغي بِغَاءً إذا فَجَرَتْ. وقال الله ﷿: ﴿وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣] وربما استعمل البغي في طلب غير الفساد، والعرب تقول خرج الرجل في بغاء إبلٍ له، أي في طلبها، ومنه قول الشاعر:
(لا يمنعنّك من بغا ... ء الخير تعقادُ التمائم)
(إن الأشائم كالأيا ... من، والأيامن كالأشائم)
﴿إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد﴾ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾ يعني علماء اليهود كتموا ما أنزل الله ﷿ في التوراة من صفة محمد ﷺ وصحة رسالته. ﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًَا قَلِيلًا﴾ يعني قبول الرُشَا على كتم رسالته وتغيير صفته، وسماه قليلًا لانقطاع مدته وسوء عاقبته. وقيل: لأن ما كانوا يأخذون من الرُشا كان قليلًا. ﴿أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: يريد أنه حرام يعذبهم الله عليه بالنار فصار ما يأكلون نارًا، فسماه في الحال بما يصير إليه في ثاني الحال، كما قال الشاعر:
(وأمّ سماك فلا تجزعي ... فللموت ما تلد الوالدة)
﴿وَلاَ يُكْلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ فيه ثلاثة أقاويل:
1 / 223