333

Najʿat al-rāʾid wa-shirʿat al-wārid

نجعة الرائد وشرعة الوارد

Publisher

مطبعة المعارف

Publisher Location

مصر

إِذَا تَكَلَّمَ فَكَأَنَّمَا يَنْشُرُ الْبُرُود الْمُفَوَّفَة، وَيَنْشُرُ شُقَق الدِّيبَاج، وَيَنْشُرُ بُرُود الْوَشْي، وَكَأَنَّ لَفْظَهُ مُنَاغَاة الأَطْيَار، وَكَأَنَّ كَلامَهُ مَمَرّ الصِّبَا عَلَى عَذَبَات الأَغْصَان، وَهَذَا كَلام مَا لِحُسْنِهِ نِهَايَة.
وَتَقُولُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ: هَذَا كَلام غَلِيظ، فَظّ، خَشِن، جَافّ، شَكس، نَافِر، مُتَوَعِّر، عَلَيْهِ جَفْوَة الأَعْرَابِ، وَخُشُونَة الْجَاهِلِيَّة، وَعَنْجَهِيَّة الْبَادِيَة.
وَإِنَّهُ لَكَلام فَجّ عَلَى الذَّوْقِ، ثَقِيل عَلَى السَّمْعِ، ثَقِيل عَلَى الأَلْسِنَةِ، وَإِنَّهُ لَتَمُجّهُ الأَسْمَاع، وَتَنْبُو عَنْهُ الأَسْمَاع، وَتَسْتَكّ مِنْهُ الآذَان، قَدْ تَجَافَى عَنْ مَضَاجِع الرِّقَّة، وَتَجَانَف عَنْ مَذَاهِب السَّلاسَة، وَإِنَّهُ لأَشْبَه شَيْء بِقِطَع الْجَلامِيد، وَبِأَجْذَال الْحَطَب، وَإِنَّهُ لَمِمَّا تَسْتَخِفُّ عِنْدَهُ جَلامِيد الصُّخُور.
وَتَقُولُ: هَذِهِ لُغَة مَهْجُورَة، وَأَلْفَاظ مَتْرُوكَة، وَكَلِم مَرْغُوب عَنْهَا، وَإِنَّهَا لَلُغَة وَحْشِيَّة، وَلُغَة حُوشِيَّة، وَفُلان لا يَتَلَمَّظُ إِلا بِعُقْمِيّ الْكَلام وَهُوَ الْقَدِيمُ الدَّارِسُ وَقِيلَ هُوَ غَرِيب الْغَرِيبِ.
وَتَقُولُ هَذَا كَلام: رَكِيك،

2 / 15