224

Najʿat al-rāʾid wa-shirʿat al-wārid

نجعة الرائد وشرعة الوارد

Publisher

مطبعة المعارف

Publisher Location

مصر

عَلَى مَضَض الْمِحَن، وَرَدَّ نَفْسَهُ عَلَى مَكْرُوهِهَا، وَصَبَرَ عَلَى شَيْءٍ أَمَرَّ مِنْ الصَّبْرِ.
وَيُقَالُ: أَصَابَهُ كَذَا فَعَضَّ عَلَى نَاجِذَيْهِ أَيْ صَبَرَ عَلَى مَا نَابَهُ، وَقَدْ رَبَطَ لِلأَمْرِ جَأْشًا إِذَا صَبَّرَ نَفْسه عَلَيْهِ وَحَبَسَهَا، وَمَا زَالَ فِي أَمْرِهِ ذَاكَ رَابِط الْجَأْشِ، وَرَبِيطَ الْجَأْشِ، وَإِنَّهُ لَرَجُلٌ صُلْب الْعُودِ، صُلْب الْمَعْجَمِ، لا تَرُوعُهُ النَّوَائِبُ، وَلا تَنَالُ مِنْ صَبْرِهِ الْمُلِمَّات، وَلا يَلِينُ جَنْبه لِحَادِث، وَلا يَتَضَعْضَعُ لِرَيْب الدَّهْر.
وَلَمْ أَجِدْ أَصْبَرَ مِنْهُ عَلَى خَطْب، وَلا أَقْوَى جَلَدًا عَلَى مِحْنَة، وَلا أَثْبَتَ جَأْشًا عِنْدَ نَازِلَة، وَكَأَنَّمَا هُوَ فِي الشَّدَائِدِ صَخْرَة وَادٍ، وَكَأَنَّهُ طَوْد مِنْ الأَطْوَاد، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِذَا نُعِتَ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ مَا تَبِضُّ عَيْنُهُ أَيْ مَا تَدْمَعُ، وإِنَّمَا كَانَتْ وَقْرَةً فِي صَخْرَة وَالضَّمِير لِلْمُصِيبَةِ أَيْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ إِلا كَمَا تُؤَثِّرُ الْهَزْمَة فِي الصَّخْرِ.
وَغَشِيَهُ أَمْر كَذَا فَتَمَاسَكَ، وَتَمَالَكَ، وَلَيْسَ لِفُلان مَلاك بِالْفَتْحِ إِذَا كَانَ لا يَمْلِكُ نَفْسه، وَأَنَا أَمْلِكُ مِنْ نَفْسِي مَا لا يَمْلِكُ سِوَايَ.
وَيُقَالُ: عَزِيَ الرَّجُل بِالْكَسْرِ

1 / 214