Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Genres
وأما الفصل الثاني في ذكر دعوته عليه السلام، وما جرى فيها من القصص والوقائع فإنها كثيرة لا يمكن استيفاؤها ولا العشر من معشارها، ولكنا نذكر نكتا من ذلك ولمعا تدل على ما وراها، كان ابتداء دعوته عليه السلام في أواخر شهر محرم سنة ست وألف [أغسطس 1597م] من بلاد بني سنحان من جهة الحقار، وكان شيخهم وصاحب أمرهم يومئذ الشيخ الكبير المقدام أبو زيد بن سراج، فالتقى الإمام عليه السلام في جبل قمر وبايعه الناس، فأول [ق/ 96] من بايع من الناس رجل من مشائخ قارة يسمى الشيخ عبد الله بن مسعود، وكان تام الخلق وسيم الوجه، وافر اللحية، فتيمن به الإمام عليه السلام، وتبعه الناس الذين حضروا ذلك الجمع، ثم لم يتهيأ تمام الأمر والظهور في ذلك الوقت، ورجح أبو زيد التأني، وفي خلال ذلك وقع صريخ في بلاده فأغار هو وقبائله إلى موضع قريب اللجب، ولم يظهر سبب للصريخ، فمات عليه في تلك الغارة فرسان افتلجا من الجري، وبعد ذلك عزم الإمام عليه السلام والشيخ على تمام الأمر وإظهار الدعوة، وكان ذلك لليلة خلت من شهر صفر وهو الذي أردنا في صفر، فطلع الإمام عليه السلام من ساعته تلك بعد غروب الشمس إلى جهة قارة كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وشيعة أبو زيد قليلا، وأعطاه بندقين ضعيفين، وكانت البنادق في تلك المدة قليلة مع القبائل لا تكاد توجد إلا مع أرباب الدولة، ونحو ثلاثة أرطال باروت، وقرب الشيخ أبو زيد للإمام عليه السلام حين تهيأ إلى قارة فرسا يركب عليه، فسأل الإمام عليه السلام عن اسمه، فقيل: اسمه الفتح، فتيمن الإمام عليه السلام بذلك، وظهرت الدعوة من جبل قارة، وذكر السيد أحمد كلاما دار بين الشيخ أبي زيد ومشائخ قارة وخطاب في موضع ابتداء الظهور للدعوة. انتهى.
فصل: وأما رواية الفقيه علم الدين قاسم بن سعيد الشهاري رحمه الله، فأخبرني من فيه قال: كنا جماعة من الطلبة من فقهاء الأهنوم نقرأ في الأهجر من بلاد كوكبان، وكان حي السيد العلامة شمس الدين أحمد بن محمد المحرابي رحمه الله وإخوته العلماء المشهورون، قال: وكنا نسمع أن السيد المذكور ممن يصلح للإمامة وأن الإمام عليه السلام وغيره عرضوا عليه، واعتذر بصغر سنه وغير ذلك، وكنت سمعت بعض أصحاب سيدنا نجم الدين يوسف بن علي الحماطي رحمة الله عليه ورضوانه أنه قال: وودت أن القائم السيد أحمد، قال: فقلت: لم؟فقال له أخوه كمله يعنونه، وأما السيد القاسم فإنما هو وحيد أو كما قال.
قال الفقيه قاسم: فلم نشعر إلا والفقهاء يتشاورون بالهروب بنفوسهم إلى الأهنوم، منهم صاحبهم الفقيه علي بن محمد الشهاري الآتي ذكره، وقالوا: هذه كتب من السيد قاسم بالقيام فلا يحصل عليها من الظالمين ناجم، قال: فتفرقنا وكذلك السيد أحمد رحمه الله وإخوته، فلما وصلنا الأهنوم[ق/97] والمحاط من صنعاء تخرج إلى القبلة على ما تقدم من ظهور الإمام عليه السلام في طهننة.
Page 381