Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Genres
فصل: ولما دخل بلاد الشرف وله بها وبأهلها خلطة، وفيهم أخواله مشائخ بني مديخة وشيعة كثيرون، وفي جانب الشاهل بعض أولاده مع أخوالهم أولاد حي السيد الفاضل العالم العابد المعروف بالسيد علي العابد؛ لاشتهاره بالعبادة، وهو عالم مشهور أيضا وهو علي بن إبراهيم القاسمي، له من الزهادة ما يضرب بها المثل، وفي العبادة كذلك ، وكان احتسب لله وأسر كما أخبرني القاضي شمس الدين أحمد بن سعد الدين أطال الله بقاه تخفى في مواضع من هذه أياما، وهجم عليه إلى مواضع وسلمه الله تعالى بعد الإحاطة به، ولتفاصيل هذه الجمل أخبار طويلة فيها له الكرامات الباهرة، والآيات الظاهرة، وتركت إثبات بعض ما حفظته من روايات ثقات من أصحابه عليه السلام لتراخي الأيام حتى فات عن حفظي ترتيبها، وللاختصار من ذلك أنه وصل إلى أخواله إلى بني مديخة واعتذرهم من دخوله بيوتهم بما يصرفهم عن التعويل عليه، وأمسى معهم في مسجد وقد أمرهم أن يخلوه له، فلما تفرقوا خرج منه خوفا أن يهجم عليه فصار في مزرعة بالقرب منه، والثمرة فيه قد تغطي القاعد، وأراد النوم وإذا بوجبة في القرب منه كبيرة، ثم أخرى فقعد مفكرا في ذلك ويظن أنه عدو قد هجم عليه، وعرف أنه إذا هو العدو فلا يقصد إلا المسجد فإذا هو يسمع السير ولا ينظر السائر فقرأ القرآن فإذا باثنين يقرآن كذلك، فسألهما؟ فقال: هما من فقهاء الجان، وصلا لزيارته وطلباه يقريهما، وخاطباه وعرفاه أن اسم أحدهما جابر التركي، قال عليه السلام: ثم ضحكا وقالا: نحن نكره الترك مثلك وإنما سمي هذا لأنه إلى السمن أقرب فشبهوه[ق/77] بهم، وأخبراه بكثير، ثم اعتذر إليهم عن القراءة لما هو عليه من التخفي والمشقة، ووصف لهما حي السيد العالم علي بن إبراهيم المعروف بالعالم وهو زاهد وعابد أيضا، وهو تلميذ العابد رحمه الله تعالى (من أهل الشاهل) يقصد أنه قال عليه السلام ولا أعرف ما كان لاشتغالي، وهذه الرواية عنه عليه السلام لحي القاضي العالم أحمد بن قاسم الخولاني رحمه الله، ثم سمعتها من غير واحد من أصحابه، ومثل ذلك نقلت من خط القاضي شمس الإسلام أطال الله بقاه عن مولانا أحمد بن أمير المؤمنين أطال الله بقاه عن والده عليه السلام قال: كان مما يعينني على الدعوة أني كنت أيام خوفي من الظلمة أسير في الليل فحصل معي في بعض الليالي وحشة فأحسست من فوقي شيئا كهيئة الطير أو نحوه لا أراه وهو يسير في الهوى معي، ويناديني باسمي يا إمام قاسم.
قال القاضي في الروايتين: وهذا مما تواتر وظهر ظهور الشمس، ومن خط القاضي أيضا متصلا بهذه الرواية ما رواه أيضا عن مولانا أحمد بن أمير المؤمنين أيده الله عن والدته أنهم كانوا يختفون مع الخوف الشديد في مواضع كثيرة من حجور، ولا يعرفون موضعه ولا يعرف هو، فما يشعرهم إلا وصوله إليهم من غير دليل يدله عليهم.
Page 347