27

Not Provided

اللباب في علوم الكتاب

Investigator

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Publisher Location

بيروت / لبنان

Genres

فَإِن توقع مِنْهُ إِفْسَاد العَبْد، مَعَ أَن الله تَعَالَى يُرِيد إصْلَاح العَبْد، فَلم خلقه، وَلم سلطه على العَبْد؟ وَإِن كَانَ لَا يتَوَقَّع من الشَّيْطَان إِفْسَاد العَبْد، فَأَي حَاجَة [للْعَبد] إِلَى الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ؟ وَأما إِذا قيل: إِن الله قد لَا يُرِيد مَا هُوَ صَلَاح حَال العَبْد، فالاستعاذة بِاللَّه كَيفَ تفِيد الِاعْتِصَام من شَرّ الشَّيْطَان؟ الْوَجْه الثَّالِث: أَن الشَّيْطَان إِمَّا أَن يكون مجبورا على فعل الشَّرّ، أَو أَن يكون قَادِرًا على فعل الْخَيْر وَالشَّر، وعَلى فعل أَحدهمَا. فَإِن كَانَ الأول، فقد أجْبرهُ الله على الشَّرّ؛ وَذَلِكَ يقْدَح فِي قَوْلهم: إِنَّه - تَعَالَى - لَا يُرِيد إِلَّا الصّلاح وَالْخَيْر، وَإِن كَانَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنه قَادر على فعل الشَّرّ وَالْخَيْر؛ فها هُنَا يمْتَنع أَن يتَرَجَّح فعل الْخَيْر على فعل الشَّرّ إِلَّا بمرجح، وَذَلِكَ الْمُرَجح يكون من الله تَعَالَى، وَإِذا كَانَ ذَلِك، فَأَي فَائِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة؟ الْوَجْه الرَّابِع: هَب أَن الْبشر إِنَّمَا وَقَعُوا فِي الْمعاصِي بِسَبَب وَسْوَسَة الشَّيْطَان، فَإِن الشَّيْطَان كَيفَ وَقع فِي الْمعاصِي؟ فَإِن قُلْنَا: إِنَّه وَقع فِيهَا بِسَبَب وَسْوَسَة شَيْطَان آخر، لزم التسلسل. وَإِن قُلْنَا: وَقع الشَّيْطَان فِي الْمعاصِي لَا لأجل شَيْطَان آخر، فَلم لَا يجوز مثله فِي الْبشر؟ وعَلى هَذَا التَّقْدِير لَا فَائِدَة للاستعاذة من الشَّيْطَان، وَإِن قُلْنَا: إِنَّه - تَعَالَى - سلطه الشَّيْطَان على الْبشر، وَلم يُسَلط على الشَّيْطَان شَيْطَانا آخر، فَهَذَا أحيف على الْبشر، وَتَخْصِيص لَهُ بمزيد التثقيل، والإضرار؛ وَذَلِكَ يُنَافِي كَون الْإِلَه رحِيما نَاظرا لِعِبَادِهِ. الْوَجْه الْخَامِس: أَن الْفِعْل المستعاذ مِنْهُ إِن كَانَ مُمْتَنع الْوُقُوع، فَلَا فَائِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ، وَإِن كَانَ وَاجِب الْوُقُوع، كَذَلِك. اعْلَم أَن هَذِه المناظرة تدل على أَنه لَا حَقِيقَة لقَوْله: " أعوذ بِاللَّه " إِلَّا أَن ينْكَشف أَن الْكل من الله تَعَالَى، وَبِاللَّهِ. وَحَاصِل الْكَلَام مَا قَالَه الرَّسُول ﵊ أعوذ برضاك من سخطك ... الحَدِيث.

1 / 104