Al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
اللباب في علوم الكتاب
Editor
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
Publisher Location
بيروت / لبنان
Genres
نسبة الألم إلى العَذّابِ مجازًا، لأنّ الألم حلّ بمن وقع به العذاب لا بالعذاب، فهو نظير قولهم: «شِعْرٌ شَاعِر» .
و﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ متعلّق بالاستقرار المقدر في «لهم»، أي: استقر لهم عَذَابٌ أليم بسبب تكذيبهم. و«ما» يجوز أن تكون مصدرية، أي: بكونهم يكذبون، وهذا على القول بأن ل «كان» مصدرًا، وهو الصحيح عند بعضهم للتصريح به في قول الشاعر: [الطويل]
١٩٠ - بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سَادَ في قوْمِهِ الفَتَى ... وَكَوْنُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسِيرُ
فقد صَرّح بالكون، ولا جائز أن يكون مصدر «كان» التَّامة لنصبه الخبر بعدها، وهو «إياه» على أنَّ للنظر في هذا البيت مجالًا ليس هذا موضعه.
وعلى القول بأن لها مصدرًا لا يجوز التصريح به معها، لا تقول: «كان ويدًا قائمًا كونًا»، قالوا: لأن الخبر كالعوض من المصدر، ولا يجمع بين العوض والمُعَوَّض منه، وحينئذ فلا حَاجَةَ إلى ضمير عائد على «ما»؛ لأنها حرف مصدري على الصحيح، خلافًا للأخفش وابن السَّراجِ في جعل المصدرية اسمًا.
ويجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي»، وحينئذ فلا بُدّ من تقدير عائدٍ أي: بالذي كانوا يكذبونه، وجاز حَذْفُ العائد لاستكمال الشُّروط، وهو كونه منصوبًا بفعل، وليس ثمَّ عائد آخر.
وزعم أبو البَقَاءِ أن كون «ما» موصولةً اسميةً هو الأظهر، قال: لأنّ الهاء المقدرة عائدة على «الَّذِي» لا على المصدر. وهذا الَّذِي قاله غير لازم، إذ لقائل أن يقول: لا نسلّم أنه لا بُدَّ من هاءٍ مقدّرة حتى يلزم جعل «ما» اسمية، بل من قرأ ﴿يَكْذِبُونَ﴾ مخففًا فهو عنده يكذبون الرَّسول والقرآن، أو يكون المشدّد بمعنى المخفّف، وقرأ الكوفيون: ﴿يَكْذِبُونَ﴾ بالفتح والتَّخفيف، والباقون بالضَّم والتشديد.
و«يكذّبون» مضارع «كذَّب» بالتشديد، وله معانٍ كثيرة: الرَّمي بكذا، ومنه الآية الكريمة والتعدية نحو: «فَرَّحْتُ زيدًا» .
1 / 343