Not Available
المال والحكم في الإسلام
Publisher
المختار الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٣٩٧ هـ - ١٩٧٧ م
Publisher Location
القاهرة
Genres
ذلك إلا استجابة للهِ وجهادًا في سبيله فاستحقوا بذلك قول الله فيهم: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩].
هذا هو المثل الأول يبين لنا أن مصلحة الإسلام اقتضت أن يضحي المهاجرون بكل أموالهم فضحوا بها طيبة نفوسهم، وأن المصلحة اقتضت أن يضحي الأنصار بالكثير مِمَّا هم في أشد الحاجة إليه فنزلوا على أمر الله وآثروا المهاجرين على أنفسهم.
أما المثل الثاني فكان في عهد عمر ﵁ حين حدثت المجاعة في سنة ثماني عشرة من الهجرة، واشتد الجوع حتى جعلت الوحش تأوي إلى الأنس وحتى جعل الرجل يذبح الشاه فيعافها من قبحها، فآلى عمر على نفسه أن لا يذوق سمنًا ولا لبنًا ولا لحمًا حتى يحيى الناس، وكان يقول: «لَوْ لَمْ أَجِدْ لِلنَّاسِ مَا يَسَعُهُمْ إِلاَّ أَنْ أُدْخِلَ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ عِدَّتَهُمْ فَيُقَاسِمُونَهُ أَنْصَافَ بُطُونِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِحَيًا لَفَعَلْتُ؛ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْلِكُوا عَلَى أَنْصَافِ بُطُونِهِمْ». وما قال ذلك إلا بعد أن كتب إلى أمراء الأمصار يستمدهم، فكان أول من قدم إليه أبو عبيدة بن الجراح في أربعة آلاف راحلة من طعام، وبعث عمروبن العاص الطعام في السفن وعلى الإبل، فبعث عشرين سفينة وألف بعير محملة بالدقيق، كما بعث خمسة آلاف كساء، وبعث معاوية ثلاثة آلاف بعير محملة كما بعث ثلاثة
1 / 65