Niswar al-muhadarat wa-ahbar al-mudakara
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
واستخبر بذلك أهل عسكر الخائن، وكانوا يصيحون بنا في كل يوم:
ملحوه، أي: قد مات الموفق، فاجعلوه مكسودا (1) .
فأجمع رأي الطب على بطه، فلم يمكنهم الموفق من ذلك.
فقالوا للمعتضد: إنه إن لم يبط، عمل إلى داخل، فأتلفه.
فقال: احتالوا عليه وبطوه، وأنا أمنعكم منه (2) .
فطول أحد الطب، ظفر إبهامه اليمين، وجعل تحته حديدة مبضع، وجاء إلى الموفق، فقال: أيها الأمير، دعني أجسه، وأنظر كيف هو.
فقال: لعلك تبطه؟ فأراه يده، وقال: كيف أبطه، وليس في يدي حديد، فمكنه منه، فجسه وخرقه بالمبضع من أوله إلى آخره مستعجلا، فندر الزج وخرج، وتبعته مدة عظيمة وقيح.
ففزع الموفق في حال البط، لمجيئه على غفلة، فلكم (3) الطبيب، فقلبه عن مكانه، فلما استراح بما خرج من الموضع، ووجد خفة، خلع على الطبيب، وأجازه، وعولج إلى أن برئ.
وجعل أبو العباس وكده (4) طلب قرطاس، وكان إذا رآه في الحرب، طرح نفسه لأخذه، فيحاربه قرطاس أشد حرب، ويقول له بعجمته:
«يا بلئباس، يريد يا أبا العباس، إن وقعت في يدك ، قدمني أوتارا» .
قال: فلم يزل المعتضد يجهد نفسه في أمره، حتى أخذه أسيرا، وقد
Page 154