258

Nil Hayat Nahr

النيل: حياة نهر

Genres

بالموج الظافر غير تاركة للموج غير ذرات وحصيات نتيجة لخضوعها، وينقض النهر بين مئات الجنادل والجزيرات ومن خلال الدوافع - التي تبلغ من الطول عدة كيلومترات، مضوضئا

45

ضوضاء زعم كاتب روماني أن أهل الشواطئ كانوا يهاجرون بسببه خوفا من أن يصبحوا صما.

ومهما يكن من أمر فإن ما يخرجه البرابرة من أصوات هائلة في الوقت الحاضر يعد دليلا على أن الضرورة تقوي أي عضو كان، وذلك لبلوغ أصواتهم من ضفة إلى أخرى مع هدير الموج، على حين لا يكاد الرجل الأبيض يسمع صوته لمسافة عشر خطوات.

ولأذننا أن تقضي العجب في تلك الضفاف الرائعة، فالسائح الذي يسير بين كثيبين راكبا بعيرا دانيا من النهر من غير أن يرى رأس نخلة أو يرى صارية سفينة يفتن أيضا بسماعه من بعيد خرير المياه كما كان يفتن أغارقة عصر هيرودوتس بمثل ذلك عند مشاهدتهم البحر. والسائح الذي يمشي على الضفة وقت الفيضان يسمع اختلاط هدير الأمواج باصطكاك الحصا عند زحولها

46

عن الشاطئ بقوة المد.

وتحاول جزر سبع وجزيرات كثيرة عند الشلال الخامس - وبعد سبعين كيلومترا من بربر على مجرى النهر التحتاني - أن تسد مجرى النهر في عشرة كيلومترات على غير جدوى، ثم تتغلب الصخور على الماء حول الدرجة العشرين من العرض الشمالي وبعد الخرطوم بأربعمائة كيلومتر من الخط الحديدي، وتكرهه على الصراع متقهقرا، ويحمل السماط البركاني الثخين - الذي يجوب الصحراء من الشرق إلى الغرب - نهر النيل على الرجوع إلى الوراء للمرة الوحيدة في حياته، وعلى الجريان نحو الجنوب لبضع مئات من الكيلومترات كالعائد إلى منبعه، وهو إذا كان على بعد من خصمه الغرانيتي استأنف جريه إلى الشمال من فوره؛ أي سلك السبيل المعدة له، وذلك كالرجل الذي يغير وجهته ليرجع إليها بقوى مغنطية.

ويقع مرفق أبي حمد والخرطوم وأسوان على خط عمودي واحد تقريبا، وتبدو في هذا المنعطف إحدى جزر النيل الكبيرة، البالغة من الطول عشرين ميلا ومن العرض ثلاثة أميال، شاهدة على اصطراع العناصر ذلك، على حين يضيق النهر بين ضفتيه الصوانيتين ويتسع متناوبا بين مائتي متر وألفي متر، وكان القدماء يبحثون عن الذهب والفضة في جزره، ويتكلم ديودورس عن وجود نحاس وحجارة ثمينة بجانبهما، وهذه إما أن تكون قد سرقت من هنالك، وإما ألا تكون قد وجدت هنالك.

الشلال الثاني.

Unknown page