أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ، ثم يجاوز النيل مصر قليلا، فيفترق فرقتين عند قرية على شاطئيه يقال لها: شطنوف، وهي من عمل القليوبية، فيمر الغربي منه على رشيد ويصب في البحر الملح، وأما الشرقي فيفترق أيضا عند جوجر فرقتين، يمر الغربي منهما على دمياط من غربيها، ويصب في البحر الملح، والشرقي منهما يمر على أشمون طناح فيصب هناك في بحيرة شرقي دمياط يقال لها بحيرة تنيس وبحيرة دمياط،
2
وهذا بعد بعد عظيم من ابتدائه إلى انتهائه؛ ولهذا كان ألطف المياه.
وقال ابن القيم في كتاب الهدى: «النيل أحد أركان الجنة، أصله من وراء جبال القمر في أقصى بلاد الحبشة من أمطار تجتمع هناك وسيول يجر بعضها بعضا، فيسوقه الله تعالى إلى الأرض الجرز التي لا نبات بها، فيخرج به زرعا تأكل منه الأنعام والأنام، ولما كانت الأرض التي يسوقه سبحانه إليها إبليزا صلبة، إن أمطرت مطر العادة لم ترو ولم تتهيأ للنبات، وإن أمطرت فوق العادة أضرت الناس والمساكن، وعطلت المعائش والمصالح، فأمطر سبحانه البلاد لعبيده، ثم ساق تلك الأمطار إلى هذه الأرض في نهر عظيم، وجعل سبحانه زيادته في أوقات معلومة على قدر ري البلاد وكفايتها، فإذا روى البلاد وغمرها أذن سبحانه بتناقصه وهبوطه لتتم المصلحة بالتمكن من الزرع.»
وقال قدامة: «إن منبع النيل في بلاد القمر وراء خط الاستواء من عين تجري منها عشرة أنهار، كل خمسة منها تصب في بطيحة في الإقليم الأول، ومن هذه البطيحة يخرج نهر النيل.»
وقال صاحب كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: «إن هذه البحيرة تسمى بحيرة كوري
3
منسوبة إلى طائفة من السودان، يسكنون حولها متوحشين، يأكلون من وقع إليهم من الناس، ومن هذه البحيرة يخرج نهر النيل، وإذا خرج النيل منها يشق بلاد كوري،
4
ثم بلاد قنة، طائفة من السودان أيضا وهم بين كانم
Unknown page