171

هو اللون ومن فصله الذي هو قابضية البصر ، فإن السواد لما شارك البياض في اللونية وامتاز عنها بالقابضية ، جزم العقل بالفرق بينهما ، لقضاء الضرورة بأن جهة الاشتراك مغايرة لجهة الامتياز. وإنما كان هذا التركيب ذهنيا (1) لامتناع وجود لونية مطلقة في الخارج ، وقابضية تنضم إليها تحصل منهما هيئة السواد ، لأنهما إما محسوستان أو لا.

فإن كانتا محسوستين ، فإن ماثلا السواد امتنع تقومه (2) بهما. وإن خالفاه كان لونا مخصوصا مخالفا للسواد في خصوصيته ، فيكون نوعا آخر من اللون المطلق ، ولا يكون هو اللونية المطلقة ، لأن اللونية المطلقة إذا كانت محسوسة فإذا انضافت القابضية (3) إليها ، فإما أن تحدث هيئة أخرى مخصوصة أو لا. فإن لم تحدث كان المحسوس هو اللونية المطلقة و (وطبيعة الجنس هي) (4) طبيعة النوع ، وإن حدثت هناك هيئة أخرى ، لم يكن إحساسنا بالسواد إحساسا بهيئة واحدة ، بل بهيئتين ، وهو محال.

وإن لم تكونا محسوستين فعند اجتماعهما إما أن تحدث هيئة محسوسة أو لا. فإن لم تحدث لم يكن السواد محسوسا. وإن حدثت هيئة محسوسة ، فتلك الهيئة المحسوسة معلولة لاجتماع اللونية والقابضية وهي خارجة عنهما مغايرة لهما. ولا نعني بالسواد إلا نفس تلك الماهية المحسوسة ، فتكون اللونية والقابضية خارجتين لا مقومتين ، فثبت امتناع تميز أحد جزئي السواد عن صاحبه ، بل ذلك التميز إنما يكون في الذهن وفي نفس الأمر ، إذ لو لا تميز الجنس عن الفصل في نفس الأمر

Page 175