326

Nihāyat al-ījāz fī sīrat sākin al-Ḥijāz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ

Publisher Location

القاهرة

يعمل له رحى تطحن بالريح، دلالة على استحباب حصول الإسلام على أدوات الأشياء النافعة الموجودة بالممالك الأجنبية كما هو جار الان بالبلاد الإسلامية الراغبة في تجديد المنافع للحرب والسلم.
وعمل ﷺ بنفسه في حفر الخندق، ولما بدأ ﷺ قال:
بسم الله وبه بدينا «١» ... ولو عبدنا غيره شقينا
يا حبّذا ربّا وحبّ دينا
وقال ﷺ متمثلا بقول ابن رواحة وهو ينقل التراب وقد وارى الغبار عن جلدة بطنه الشريف:
لا همّ لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا «٢»
يمدّ بها صوته مكررا لها: «أبينا أبينا» .
وروى أن حفر الخندق كان في زمان عسرة ومجاعة، حتى إن الأصحاب- رضى الله عنهم- كانوا يشدّون على بطونهم الحجر من الجهد والجوع الذى بهم، ولبثوا ثلاثة أيام لا يذوقون زادا، وعن أبى طلحة: «شكونا إلى رسول الله ﷺ الجوع، ورفعنا عن بطوننا عن حجر، فرفع رسول الله ﷺ عن بطنه حجرين. ذكره الترمذى في الشمائل، ولهذا أشار صاحب البردة بقوله:
وشدّ من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحا مترف الادم
وهذا منه ﷺ تعليم للأمة للصبر على الجوع، وإلا ففى الحقيقة هو مطعم شبع من فيض مولاه؛ لأنه كان يطعم ويسقى من ربه، وإنما العادات الظاهرية قد تجرى مجراها، ولو في حق الأنبياء، حتى إنه ﷺ في الصوم كان يصير

(١) بضم الباء وكسر الدال (الطهطاوي) .
(٢) وليس هذا من إنشاء النبى ﷺ، وإنما هو مردد، وكان من عادته أن يقلب البيت أو يكسره ليخرج من ميزان الشعر، وهكذا في كل ما ورد أنه ردّده.

1 / 274