287

Nihāyat al-ījāz fī sīrat sākin al-Ḥijāz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ

Publisher Location

القاهرة

[الأنفال: ٧٠]، وقد أعطى الله العباس خيرا مما أخذ منه، وفي هذه الاية بشرى عظيمة للعباس؛ إذ أخذ أكثر مما أعطي، وغفر له ما أخطأ، ولما نزلت قال العباس: يا رسول الله وددت أنك أخذت منى أضعافا.
وفي البخارى أنه أتي بمال من البحرين (أى خراجها وهو أوّل خراج حمل إلى النبى ﷺ وكان مائة ألف، فأمر بصبه في المسجد. وكان أكثر مال أتى به:
فخرج إلى المسجد ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس فسأله، فقال: خذ، فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقلّه فلم يستطع، فقال: يا رسول الله مرّ بعضهم يرفعه إليّ، فقال: لا، فقال:
ازفعه أنت عليّ، فقال: لا. فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال كالأوّل، فقال: لا. ثم نثر منه، ثم احتمله، فأتبعه ﷺ بصره عجبا من حرصه.
وذكر السهمى في «الفضائل» أن أبا رافع لما بشّر النبى) بإسلام العباس أعتقه.
ولما فدى العباس نفسه، ورجع إلى مكة وأظهر إسلامه، وجمع أمواله، هاجر إلى المدينة، ولازمه ﷺ في غزواته، كان ﷺ يكرمه ويعظمه «١»، ووصفه ﵊ فقال: «أجود الناس كفا، وأحناه عليهم»، وروى السهمى من حديث ابن عباس أنه ﵊ قال: «ألا أبشرك يا عم؟ قال:

- فبلغت رسول الله ﷺ فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص، (قال عمر: والله إنه لأوّل يوم كنانى فيه رسول الله ﷺ أبا حفص) أيضرب وجه عم رسول الله ﷺ بالسيف؟! فقال عمر: يا رسول الله ائذن لى فأضرب عنقه، فو الله لقد نافق. فكان أبو حذيفة يقول بعد ذلك: والله ما امن من تلك الكلمة التى قلت، ولا أزال منها خائفا إلا أن يكفّرها الله تعالى عنى بشهادة. فقتل- رضى الله عنه- يوم اليمامة شهيدا. انظر تفسير ابن كثير بتوسع عند تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠) [الأنفال: ٧٠] .
(١) كان النبى ﷺ يقول: «العباس منى وأنا منه» رواه الترمذى والحاكم عن ابن عباس. «العباس عم رسول الله ﷺ وإن عم الرجل صنو أبيه» رواه الترمذي. وروى ابن عساكر عن عليّ: «العباس عمى وصنو أبى فمن شاء فليباه بأبيه» . وقد ذكر له محب الدين الطبرى فصلا خاصا به في كتابه «ذخائر العقبي» وهو فصل ممتاع، فانظره.

1 / 234