Al-Nihāya fī al-fitan waʾl-malāḥim
النهاية في الفتن والملاحم
Editor
محمد أحمد عبد العزيز
Publisher
دار الجيل
Edition
١٤٠٨ هـ
Publication Year
١٩٨٨ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
في السموات وَالْأَرْضِ، إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ بَقِيَ فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَبَقِيَتْ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فيأمره الله أن يقبض روح جبريل وميكائيل، ثم يأمر الله ﷾ بقبض حَمَلَةِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَمُوتَ، وَهَوَ آخر من يموت من الخلائق".
وروى أبو بكر بن أَبِي الدُّنْيَا، مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا بَلَغَهُ، وَعَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
"أن الله تعالى يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ، فَمُتْ ثُمَّ لَا تَحْيَا".
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فِيمَا بَلَغَهُ فَيَقُولُ لَهُ: مُتْ مَوْتًا لَا تَحْيَا بَعْدَهُ أَبَدًا فَيَصْرُخُ عِنْدَ ذَلِكَ صَرْخَةً لَوْ سَمِعَهَا أَهْلُ السموات وَالْأَرْضِ لَمَاتُوا فَزَعًا.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَمْ يَقُلْهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى هَذَا: مُتْ موتًا لا تحيا بعده أبدًا، يعني ثم لا يكون بَعْدَ هَذَا مَلَكَ مَوْتٍ أَبَدًا، لِأَنَّهُ لَا مَوْتَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ:
"يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ ١، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يقال: يا أهل النار خلود ولا موت. ويا أهل الجنة خلود ولا موت".
وسيأتي الحديث،.... فملك الموت فان حتى لا يكون بعد ذلك ملك موت أبدًا، والله أعلم. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا اللَّفْظِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يحيى بعد ذلك أبدًا، وهذا التأويل بعيد بتقدير صحة الحديث، والله أعلم بالصواب.
١ الكبش الأملح الذي يخالط بياضه سواده.
1 / 290