حرف الهمزة
ابْدأ بنفسِكَ فانهَها عن غيّها ... فإذا انتهَتْ عنهُ فأنتَ حكيمُ
عليك أن تبدأ بنفسك، إذا أردت الإصلاح، وأن تكفها عن الأذى والضلال، فإذا استقامت لك كنت حكيمًا، وحق لك عندئذ أن تنهى الناس عن الضلال.
اجعلْ جليسَك دفترًا في نَشرِه ... للمَيْتِ من حِكَم العلومِ نشورُ
اجعل الكتاب جليسك، فإن في نشره نشرًا للحكمة والعلم يحيا به الميت.
احذرْ محلَّ السوءِ لا تنزلْ بهِ ... وإذا نَبا بِكَ منزِلٌ فتحوَّلِ
لا تنزل منزل السوء والذل، فإذا ضاق بك منزل فاتركه وتحول إلى غيره.
أحسنْ إلى الناسِ تستعبدْ قلوبَهمُ ... فطالما استعْبدَ الإنسانَ إحسانُ
إحسانك للناس يجعلهم لك أخوانًا وأنصارًا، والإنسان عبد الإحسان.
أحسَنُ ما يخرْجُ مِن يَديْكا ... تأديةُ الحقِّ الذي عَليْكا
إذا أديت حق الناس عليك فعلت ما يليق بك، وكان ذلك خيرًا من أن تعطي من ليس له عليك حق.
احفظْ لسانكَ أنْ يقولَ فتُبتلى ... إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنْطقِ
لا تقل شيئًا يسبب لك الأذى والبلاء، وصن لسانك، فإن البلاء مرتبط باللسان.
احفظْ لسانكَ أيُّها الإنسانُ ... لا يلْدَ غَنَّك إنَّه ثُعبانُ
احفظ لسانك، فإنه يلدغك كالثعبان.
أحَقُّ الناس في الدّنيا بِعيْبٍ ... مُسيءٌ لا يُبالي أنْ يُعابا
أحق الناس بالعيب من لا يصلح عيوبه ولا يكترث بعيب الناس له.
احْملِ النفسَ على مَكروهِها ... إنَّ حلوَ العيشِ محفوفٌ بمُرِّ
اصبر على المكروه، فكل حلو ممزوج بالمر.
أخاكَ أخاكَ إنَّ مَنْ لا أخًا لهُ ... كَساعٍ إلى الهَيْجا بغير سلاحِ
احفظ أخاك فإنه سلاحك الذي تصول به، فإنك إن لم تحفظه كنت كمن يمضي إلى المعركة وليس له سلاح.
اخضعْ لعبدِ السِّوءِ في زمانِهِ ... ودار منْ تَحذَرُ مِنْ لسانِه
إذا كنت في زمن سوء يسود فيه العبيد فاخضع لهم، وإذا بليت بصاحب لسان قادر على الإضرار بك، فعليك أن تسايره وتداريه.
اخْطُ مع الدَّهرِ إذا ما خطا ... واجْرِ معَ الدَّهرِ كما يجْري
إذا مشى الدهر فامش معه وإذا جرى فاجر معه كما يشاء.
أخْلِقْ بذي الصَّبرِ أن يحظى بحاجتِه ... ومُدمِن القَرْعِ للأبوابِ أن يَلِجا
الصابر يظفر بحاجته، والمثابر على قرع الباب لا بد أن يدخل البيت.
أدبُ الكبيرِ مِنَ التَّعَبْ ... كَبُرَ الكبيرُ عنِ الأدَبْ
يمكن أن يؤدب الصغير أما تأديب الكبير فجهد ضائع.
إذا أبصرَ المرْءُ المروءَة والتُّقى ... وإنْ عَمِيَ العينانِ فهْو بصيرُ
إذا كان المرء يميز الخير من الشر ويعرف مواطن المروءة والتقوى، فهو البصير، بفؤاده. وإن كان أعمى العينين.
إذا أتَتِ الإِساءةُ مِنْ وضيعٍ ... ولَمْ ألُمِ المُسيءَ فمنْ ألومُ
إذا أساء لي الوضيع واللئيم فمن الذي ألومه إن لم ألمهما.؟
إذا أرسلْتَ في أمرٍ رَسولًا ... فأفْهِمهُ وأرسِلْهُ حَكيما
ليكن رسولكَ حكيمًا، فهو يعرف كيف يتصرف ما دمت قد أفهمته ما يريد.
إذا استغْنَيْتَ عنْ شيءٍ فدَعهُ ... وخُذْ ما أنتَ مُحتاجٌ إليه
دع عنك ما تستغني عنه، وخذ ما تحتاج إليه.
إذا أعوَزَتْكَ أكُفُّ اللِّئامِ ... كفتْكَ القناعَةُ شِبْعًا ورِيَّا
القناعة أن تشبع وأن ترتوي فدع عنك الطلب إلى اللئام.
إذا أكملَ الرَّحمنُ للمرءِ عقْلهُ ... فقدْ كَمُلتْ أخلاقُهَ ومآربُهْ
إذا تم عقل المرء تم له كل شيء.
إذا المرءُ أعيتَهُ المروءةُ ناشئًا ... فمَطْلبُها كَهْلًا عليهِ بَعيدُ
إذا لم ينل المرء المجد في شبابه فقل أن يناله في شيخوخته.
إذا المرءُ أفشى سِرَّهُ بلِسانِهِ ... ولامَ عليهِ غيرَهُ فَهْوَ أحمقُ
إذا أفشيت سرك إلى من لا يحفظه ثم لمته على إفشائه فأنت أحمق.
إذا المرءُ أولاكَ الهوانَ فأولِهِ ... هَوانًا وإنْ كانتْ قريبًا أواصرُهْ
إذا سامك إنسان هوانًا فسُمْه الهوان، وإن كان قريبًا لك.
إذا المرءُ لمْ يبنِ افتخارًا لنفسهِ ... تضَايقَ عنهُ ما بنَتْهُ جدودهُ
لا خير للمرء في مجد بناه له جدوده إن لم يبن مجدًا لنفسه.
1 / 1
إذا المرءُ لم يخزِنْ عليه لسانَهُ ... فليسَ على شيءٍ سواهُ بخزَّانِ
إن لم تحفظ لسانك لم تحفظ ما عداه.
إذا المرءُ لم يدنس من اللؤم عِرضُهُ ... فَكُلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ
إذا كان شرفك نظيفًا فأي لباس تلبسه جميل.
إذا المرءُ لم يطلُبْ معاشًا لنفسه ... شكا الفقرَ أو لامَ الصَّديق فأكثرا
إذا لم يستغن المرء عن الناس بعمله عاش فقيرًا أو لام أصدقاءه.
إذا المرءُ لم يغلبْ هواهُ أقامَهُ ... بمنزلَةٍ فيها العَزيز ذَليلُ
إذا لم تغلب هواك أذللت نفسك، وإن كنت عزيزًا.
إذا المرء لم يُقدَرْ له ما يريدُهُ ... رَضِي بالذي يُقْضى له شاء أو أبى
إذا لم تستطع نيل ما تريد رضيت بما هو مكتوب لك، شئت أم أبيت.
إذا المرءُ لم يمدَحْهُ حسنُ فِعالهِ ... فمدَّاحه يهذي وإن كان مُفصحًا
مدح المرء بأعماله وأفعاله، فإذا لم يمدحه فعله كان مديح المادح له هذيانًا مهما بالغ وأسرف.
إذا الجودُ لم يُرزَقْ خَلاصًا من الأذى ... فلا الحمْدُ مكسوبًا ولا المالُ باقيا
إذا لم يكن الكرم خالصًا من المن، لم يكسب الكريم حمد الناس ولم يحفظ عليه ماله.
إذا امتحَنَ الدّنيا لبيبٌ تكشَّفتْ ... لهُ عنْ عدوٍّ في ثِيابِ صَديقِ
الدنيا عدو باطن يلبس لباس صديق.
إذا أنتَ أكرمْتَ الكريمَ ملكْتَهُ ... وإن أنت أكْرَمْتَ اللئيمَ تمَرَدَّا
الكريم يملكه الإحسان، واللئيم يجعله الإكرام أكثر تمردًا ولؤمًا.
إذا أنتَ حمَّلتَ الخؤونَ أمانةً ... فإنكَ قَدْ أسندتَها شرَّ مُسْنَدِ
إذا ائتمنت الخائن أمانة أضعتها وأضعت نفسك.
إذا أنتَ سارَرْتَ في مجلسٍ ... فإنَّكَ في أهلِهِ تُتَّهَمْ
إذا ساررت أحدًا في مجلس اتهمك أهله، فالسر بين اثنين لا في جماعة.
إذا أنتَ لم تشربْ مرارًا على القذى ... ظمئتَ وأيُّ الناسِ تصفو مشاربُهْ
أنت مضطر أن تشرب الماء العكر أحيانًا وإلا أصابك الظمأ، وقل أن نجد إنسانًا يصفو دائمًا شرابه.
إذا أنتَ لم تُضربْ عن الحقدِ لم تفُزْ ... بشكرٍ ولمْ تسمعْ بتقريظِ مادحِ
إذا كنت حاقدًا لم يشكرك ولم يمدحك أحد.
إذا أنت لم تُعرضْ عن الجهلِ والخَنى ... أصبتَ حليمًا أو أصابكَ جاهلُ
إذا كانت جاهلًا ظلمت الحليم أو لقيت جاهلًا يظلمك.
إذا أنتَ لم تعرفْ لنفسِكَ حقَّها ... هوانًا بها كانتْ على الناسِ أهونا
إذا أهنت نفسك أهانك الناس.
إذا أنت لم تعْصِ الهوى قادكَ الهوى ... إلى بعضِ ما فيه عليكَ مَقالُ
إذا أطعت هواك قادك إلى شتم الناس لك.
إذا أنت لم تعْطِفْكَ إلا شفاعةٌ ... فلا خيرَ في ودٍ يكون بشافعِ
إذا كنت تحتاج إلى شفيع يشفع لي عندك وأنا لك صديق فبئس هذه الصداقة.
إذا أنت لم تقْدر على دُرِّ لُجَّةٍ ... فدعْهُ ولا تعْرض لحصباءِ ساحلِ
إذا عجزت عن إدراك الدر في قاع البحر فدع عنك حصا الشاطئ.
إذا أنت نازعتَ الرِّجالَ نوالَهُم ... فعِفَّ ولا تطلبْه بالجهدُ تُجهدِ
إذا طلبت عطاء الناس فكن عفيفًا، فإنك إذا طمعت أتعبت نفسك ولم تنل شيئًا.
إذا تاهَ الصديقُ عليكَ كِبْرًا ... فَتِهْ كِبْرًا على ذاكَ الصديقِ
إذا تكبر عليك صديقك فتكبر أنت عليه.
إذا تضايقَ أمرٌ فانْتَظِرْ فرَجًا ... فأضْيقُ الأمرِ أدناهُ إلى الفرجِ
إذا ضاق أمر عليك فانتظر فرجه، فإن أقرب الأمور إلى الفرج أكثرها ضيقًا.
إذا تَمَّ أمْرٌ بدا نَقْصُهُ ... توَقَّعْ زوالًا إذا قيلَ: تَمّْ
إذا تم شيء فسوف ينقص، والزوال عقبى التمام.
إذا حدَّثتكَ النفسُ أنك قادرٌ ... على ما حوَتْ أيدي الرِّجالِ فكذِّبِ
إذا ظننت أنك قادر على ما في أيدي الناس من مال أخطأت.
إذا رأيتَ نُيوبَ اللَّيثِ بارزةً ... فلا تظُنَّنَّ أنَّ الليثَ يَبتسِمُ
إذا كشر الأسد عن أنيابه فهو لا يبتسم لك وإنما يهم بالوثوب عليك.
إذا رُزِقَ الفتى وجْهًا وقاحًا ... تقلَّبَ في الأمورِ كما يَشاءُ
الرجل الوقح يغير مواقفه في كل وقت.
إذا رضِيَتْ عني كرامُ عشيرتي ... فلا زالَ غَضبانًا عليَّ لِئامُها
1 / 2
إذا رضي الكرام عني فليغضب علي اللئام.
إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءتُ ظنونهُ ... وصدَّقَ ما يعتادهُ من تَوَهُّمِ
من ساء فعله ساء ظنه وصدَّقَ أوهامَه.
إذا سَلِمتْ للمرءِ في الناس نفسُه ... وأحبابُه فالحادثات جُبارُ
إذا سلمت للمرء حياته وحياة أحبابه فكل ما عدا ذلك هين.
إذا شئت أن تعصى ولو كنتَ قادرًا ... فمُرْ بالذي لا يُستطاعُ من الأمرِ
إذا أردت أن لا تطاع فمُرْ بما لا يستطاع.
إذا شئتَ يومًا أن تسودَ عشيرةً ... فبالحلم سُدْ لا بالتسرعِ والشّتمِ
الإنسان يسود قومه بالحلم لا بالشتم.
إذا ضاق صدرُ المرءِ عن سرِّ نفسهِ ... فصدرُ الذي يَسْتَودِعُ السّرَّ أضيقُ
من ضاق صدره عن سره كان صدر صاحبه به أضيق.
إذا ضَيَّعْتَ أولَ كُل أمْرٍ ... أبَتْ أعجازه إلاَّ التواءَ
من أضاع أوائل أمره أضاع أواخره.
إذا طاوعتَ نفسكَ كنتَ عبْدًا ... لكلِّ دنيئةٍ تَدْعو إليها
من أطاع هواه كان عبدًا لكل دنيئة.
إذا عاتَبْتَني في كل ذنبٍ ... فمَا فضلُ الكريمِ على اللئيمِ
من عاتب على كل ذنب كان شريكًا في الذنب.
إذا عدوُّكَ لم يُظْهرُ عداوتَه ... فما يضرُّكَ إنْ عاداكَ إِسْرارا
إذا عاداك امرؤ سرًا فدعه فإنه يخشاك لأنه لا يعاديك جهرًا.
إذا عُرفَ الكذَّابُ بالكذْبِ لمْ يكنْ ... يُصدَّقُ في شيءٍ وإِنْ كانَ صادقًا
الكذاب لا يُصدَّق، وإن صدق.
إذا عَقدَ القضاءُ عليكَ أمرًا ... فليسَ يَحُلُّهُ إلاَّ القَضاءُ
لا يحل القضاء والقدر غير القضاء والقدر.
إذا عوقبَ الجاني على قدْرِ جرمهِ ... فتعنيفهُ بعدَ العقابِ من الرِّبا
لا تزد على معاقبة الجاني بأكثر من جنايته فأنت إذا عنفته فوق عقوبته ظلمته.
إذا قلتَ قولًا فاخْشَ ردَّ جوابه ... لكُلِّ مَقالٍ في الكلامِ جوابُ
إذا قلت كلامًا ففكر في جوابه، فلكل كلام جواب.
إذا قلتَ في شيءٍ نَعمْ فأتمَّهُ ... فإن نَعمْ دَيْنٌ على الحرِّ واجبُ
إذا وعدت فأوف، فوعد الحر دين.
إذا قيلَ مهلًا قالَ للحلمِ موضعٌ ... وحِلمُ الفتى في غير موضِعه جهلُ
للحلم موضع وللجهل موضع، والحلم في غير موضعه جهل.
إذا كانَ الطّباعُ طباعَ سوءٍ ... فلا أدبٌ يُفيدُ ولا أديبُ
من فسد طبعه لم يفده التأديب.
إذا كان حِلمُ المرء عوْنَ عدوهِ ... عليه فإنَّ العسْفَ أغنى وأنفَعُ
إذا كان الحلم يزيد في عداوة العدو، فالجهل والظلم خير منه.
إذا كان ربُّ الدارِ بالطبلِ ضاربًا ... فلا تَلُمِ الصِّبيان فيها على الرقص
إذا كان الكبير يقرع طبلًا، كان من حق الصغار أن يرقصوا.
إذا كان في صدرِ ابنِ عمِّكَ إِحنةٌ ... فلا تَسْتثِرها سوفَ يبدو دَفينُها
إذا كتم ابن عمك حقده عليك فلا تستثره.
إذا كان وجهُ العُذْرِ ليس ببيِّنٍ ... فإن إطراحَ العُذرِ خيرٌ من العذرِ
إذا أردت أن تعتذر فليكن عذرك واضحًا مقبولًا فرب عذر أقبح من ذنب.
إذا كنتَ ترضى أن تعيشَ بذِلَّةٍ ... فلا تستعِدَّنَ الحُسامَ اليَمانيا
لماذا تعد سيفك ورمحك إن كنت ممن يقبل الضيم؟
إذا كنت تُهديني وأُهديكَ مثلَهُ ... فإنَّ الهَدايا بيننا تعَبُ الرّسلِ
إذا كانت هديتي لك مثل هديتك لي، فلماذا نتعب حامليها.
إذا كنت ذا رأيٍ فكُن ذا عزيمةٍ ... فإنَّ فسادَ الرّأيِ أن تترَدَّدا
إذا عزمت فانفذ عزيمتك، فالتردد يفسد العزائم.
إذا كنتَ ذا علمٍ وماراكَ جاهلٌ ... فأعرضْ ففي ترْكِ الجوابِ جوابُ
اعرض عن جواب الجاهل، فالسكوت خير الجواب.
إذا كنت ذا مالٍ ولم تكُ ذا ندىً ... فأنتَ إذًا والمُقْترون سَواءُ
من كان غنيًا وبخيلًا ساوى الفقير.
إذا كنت في أمرٍ فكنْ فيه مُحسنًا ... فعمَّا قليلٍ أنت ماضٍ وتاركُهَ
إذا قمت بعمل فأحسنه فسوف تذكر به.
إذا كنت في حاجةٍ مرْسِلًا ... فأرسِلْ حَكيمًا ولا توصِهِ
ليكن رسولك حكيمًا فهو يتصرف تصرفًا صحيحًا في حاجتك.
إذا كنت في دارٍ وحاولتَ تركَها ... فدَعْها وفيها إنْ رجَعتَ مَعادُ
1 / 3
إذا أردت أن تترك دارًا أو بلدةً فاتركها ولك فيها أصدقاء، فربما عدت إليها.
إذا كنتَ في كلِّ الأمورِ معاتبًا ... صديقَكَ لم تلْقَ الذي لا تُعاتُبه
إذا عاتبت أصدقاءك في كل صغيرة وكبيرة لم يبق لك صديق.
إذا كنتَ لا بدَّ مُسْتَطْعِمًا ... فمِنْ غيرِ مَنْ كان يَسْتطْعم
إذا طلبت حاجة فاطلبها ممن لم يكن بطلب الحاجات، فإن نفسه ما تزال فقيرة.
إذا كنت مَلْحيًَّا مُسيئًا ومُحسنًا ... فغِشْيانُ ما تهوى من الأمرِ أكيَسُ
إذا لامك الناس على الإحسان وعلى الإساءة على حد سواء فافعل ما تشاء.
إذا لمْ تَخْشَ عاقبةَ اللَّيالي ... ولم تَسْتَحْيِ فافعلْ ما تَشاءْ
إذا كنت لا تخشى تقلبات الأيام، ولا تستحيي من الناس فافعل ما شئت.
إذا لمْ تستطعْ شيئًا فدَعْهُ ... وجاوِزْهُ إلى ما تَسْتَطيعُ
إذا عجزت عن شيء فاطلب غيره مما لا تعجز عنه.
إذا ما أتيتَ الأمرَ من غيرِ بابهِ ... ضلَلْتَ وإِن تقصدْ من الباب تهْتَدِ
من أتى الأمور من غير أبوابها ضل، فإنَ أتاها من أبوابها اهتدى.
إذا ما أرادَ اللهُ أهلاكَ نملةٍ ... أطالَ جناحيها فسيقَتْ إلى العطَبْ
إذا نبتت للنملة أجنحة هلكت.
إذا ما أرادَ اللهُ أهلاكَ نملةٍ ... سمَتْ بجناحيْها إلى الطَّيرانِ
إذا طارت النملة هلكت.
إذا ما الحَيُّ عاش بعظمِ ميْتٍ ... فذاكَ العظمَ حيٌّ وهْوَ ميْتُ
من عاش على مجد عظام آبائه الموتى، فالموتى هم الأحياء، أما هو فميت.
إذا ما الدهرُ جَرَّ على أناسٍ ... كلاكِلَهُ أناخَ بآخرينا
إذا أصاب الدهر قومًا أوشك أن يصيب آخرين.
إذا ما الشيَّخُ عوتِبَ زادَ شرًا ... ويُعتِبُ بعدَ هَفْوتِه الوليدْ
عتاب الشيخ يزيده شرًا وعتاب الصبي ينفعه ويرده.
إذا ما العقلُ لمْ يُعْقَدْ بقلبٍ ... فليسَ تجيءُ بالعقلِ الدّهورُ
من لم يرزق عقلًا يرشد قلبه لم تجئه الأيام بالعقل.
إذا ما المرءُ لم يَقْنَعْ بعيشٍ ... تقَنَّعَ بالمذَلَّةِ والصَّغارِ
من لم يقنع بعيشه تعرض للذل والصغار.
إذا ما امرؤٌ لم يَرْجُ منك مَودةً ... فلا ترْجُها منه ولا دفْعَ مشْهدِ
لا ترج مودة من لا يرجو مودتك.
إذا ما امرؤٌ من ذنبِه جاء تائبًا ... إليكَ فلَمْ تغفرْ له فلكَ الذنْبُ
إذا أذنب الصديق وجاء يعتذر إليك فاقبل عذره، وإلا كنت أنت مذنبًا.
إذا ما تأمَّلتَ الزَّمانَ وصرْفَه ... تيقنتَ أنَّ الموتَ خيرٌ من القتلِ
مصائب الزمان كثيرة، ولكنها متفاوتة، بعضها أشد من بعض، وبعضها أقل سوءًا من بعض، فالموت أفضل من القتل.
إذا ما جعلتَ السرّ عندَ مُضَيِّع ... فإنكَ ممنْ ضيّعَ السّرّ أذنبُ
إذا أعطيت سرك لمن يضيعه فالذنب ذنبك.
إذا ما ساقطٌ أثرى تعدَّى ... وأنكرَ قبلَ كُلِّ الناسِ نفسَهْ
إذا أصبح اللئيم غنيًا تعدى حده وأنكر نفسه قبل أن ينكره الناس.
إذا ما قضيتَ الدَّيْنَ بالدَّيْنِ لم يكن ... قضاء ولكنْ كان غُرْمًا على غُرْمِ
قضاء الدين بالدين زيادة في الغرم.
إذا محاسني اللاتي أدِلُّ بها ... كانتْ ذُنوبًا فقلٍ لي كيف أعْتذِرُ
أنت تعد محاسني ذنوبًا فكيف أفعل؟
إذا نطقَ السَّفيهُ فلا تَجِبْه ... فخيرٌ من إجابتهِ السّكوتُ
جواب السفيه السكوت عنه.
إذا نِلتَ السّلامةَ فاغْتنِمْها ... وحسبُكَ بالسلامةِ من غَنيمهْ
حسبك بالسلامة غنيمة.
إذا نلتُ منكَ الوُدَّ فالكلُّ هيِّنٌ ... وكلُّ الذي فوقَ التُّرابِ تُرابُ
إذا صح ودك لم أبال بالناس، وإذا كنت معي فكل ما فوق التراب تراب
إذا وتَرْتَ امرأً فاحذرْ عداوتَه ... مَنْ يزرعِ الشوكَ لا يحصدْ به عِنبا
احذر عداوة من أسأت إليه، فإنك لا تحصد العنب إذا كنت زرعت الشوك.
اذكرْ ولا تنسَ الذينَ بادوا ... وهل تَراهُمْ حين بادُوا عادُوا
اذكر من مات، فهل تراه عاد بعد موته.
إرضَ من الدهرِ ما أتاكَ بهِ ... ما كلُّ يومٍ يصفو لكَ الحلَبْ
اقنع من الدهر بما يأتيك به، فليس الدهر كله صفوًا.
1 / 4
أرى الأجدادَ تغلبُها كثيرًا ... على الأولادِ أخلاقُ اللّئامِ
ربما غلبت أخلاق اللئام على الأولاد وإن طابت الأجداد.
أرى الأمسَ قد فاتَني ردُّهُ ... ولستُ على ثِقةٍ مِنْ غَدِ
ما مضى فات ولن يعود، ولست أعرفُ ما سيأتي به الغد.
أرى الناسَ خِلانَ الجوادِ ولا أرى ... بخيلًا له في العالمينَ خليلُ
الناس أصدقاء الكريم، ولا صديق للبخيل.
أرى حِلَلًا تصانُ على رجال ... وأعراضًا تُزالُ ولا تُصانُ
من الناس من يصون ثيابه ولا يصون شرفه.
أرى كلَّ ريحٍ سوف تسكنُ مَرةً ... وكلَّ سَماءٍ عن قليل تَقَشَّعُ
لا بد للريح أن تسكن مهما ثارت، ولا بد للسماء أن تتقشع مهما تلبدت بالغيوم.
أسأت إذ أحسنتُ ظَني بهم ... والحزمُ سوءُ الظَّنِّ بالناسِ
لقد أحسنت الظن بهم فأسأت، والحزم سوء الظن.
اسمعْ مقالةَ ذي لُبٍّ وتجربةٍ ... يُفدْكَ في اليوم ما في دهْرهِ عَلِما
إذا سمعت كلام الحكيم المجرب أفادك في يوم واحد ما تعلمه في حياته الطويلة.
أشابَ الصغيرَ وأفنى الكبيرَ ... كرُّ الغداةِ ومَرُّ العَشيْ
كر الليل والنهار أهلك الكبير وأشاب رأس الصغير.
أشَدُّ الناسِ للعلمِ ادعاءً ... أقلُّهمُو بما هُو فيهِ عِلْما
أكثر الناس ادعاء للعلم أكثرهم جهلًا.
أشدّ عيوبِ المرءِ جهْل عيوبِه ... ولا شيءَ بالأقوامِ أزرى منَ الجهلِ
الجهل عيب وأشد أنواع الجهل أن تجهل عيوبك.
أَشقى البَرِيَّةِ باللئي ... مِ إذا تمَوَّلَ أهْلُ وُدِّه
أصدقاء اللئيم أشقى الناس به إذا أصبح غنيًا.
أصابوا جَهولًا فاستعانُوا بجاهلٍ ... إذا الحلمُ لم ينفعْك فالجهلُ أحْزمُ
لقي الحكيم جهولًا فاستعان عليه بجاهل، والجهل ينفع الحليم إذا لم ينفعه حلمه.
اصبِرْ لأحداثِ الزَّمانِ فإنما ... فرَجُ الشدائدِ مثلَ حلِّ عقالِ
اصبر على مصائب الدهر فسرعان ما تنفرج كما يحل العقال.
اصحبِ الأخيارَ وارغبْ فيهمُو ... رُبَّ مَنْ صاحبْتُهُ مثلُ الجرَبْ
عليك بصحبة الأخيار، فصحبة الأشرار داء مثل الجرب.
اصرفِ النفس عن كثير منَ النا ... سِ فما كلُّ مَنْ تَرى بصديقِ
لا تتعلق بكثير من الناس، فليسوا كلهم أصدقاء.
اطوِ كَشْحًا عن الجَزَع ... يَصنعُ الدَّهرُ ما صَنَع
لا تجزع، وليفعل الدهر ما يشاء.
أعاتبُ إخواني وأُبقي عليْهمو ... ولستَ بمُستبْقٍ أخًا لا تُعاتِبُهْ
أعاتب إخواني إذا أذنبوا عتابًا يسيرًا يبقي على صداقتهم، وقل أن تجد صديقًا لا تعاتبه.
أعاتبُ نفسي إن تبَسَّمتُ خاليًا ... وقد يَضحكُ الموتورُ وهْوَ حزينُ
أنا محزون فإذا تبسمت وحدي لمت نفسي، وقد يضحك الحزين.
أعاذكَ اللهُ من سِهامهِمُ ... ومُخَطَّأٌ منْ رَمْيُه القَمَرُ
لقد أجارك الله من رمي سهام الأعداء وأنقذك منها، لأن مكانك رفيع، والسهام لا تبلغ القمر العالي.
أعاذلُ ما أدنى الرّشادَ منَ الفتى ... وأبعدَه منهُ إذا لمْ يُسدَّدِ
ما أقرب الرشاد من الفتى إ ذا ساعده الحظ وما أبعده عنه إذا لم يساعده.
أعاذلُ مَن تُكتبْ له النار يلقَها ... كفاحًا ومَن يُكتبْ له الفوزُ يَسعدِ
من كتب عليه العذاب لقي الحياة كفاحًا ومن كتب عليه الفوز لقي الحياة سعادة.
أعاذلُ مَن لا يُصلحِ النفسَ خاليًا ... من الناس لا يُرشَدْ لقولِ المُفنِّدِ
من لم يصلح نفسه لم يصلحه الناس.
اعتبرِ اليومَ بأمسِ الذاهبِ ... واعْجَبْ فما تنفكُ مِنْ عجائبِ
اعتبر يومك بأمسك، واعجب للدهر فكم فيه من عجائب
اعرِفْ لجارِك حَقَّهُ ... والحقُّ يَعْرفُه الكَريمُ
اعرف حق الجار عليك، والكريم يعرف ما عليه من حق.
أعزُّ مكانٍ في الدّنا سَرْجُ سابحٍ ... وخَيرُ جليسٍ في الزَّمانِ كِتابُ
صهوة الحصان أعز مكان، والكتاب خير جليس.
أعطيتُ كلَّ الناسِ من نفسي الرِّضا ... إلا الحَسودَ فإنهُ أعْياني
رضي الناس كلهم عني ولكني عجزت عن إرضاء الحسود.
أعقَبَ القُربَ من خليلكَ شَحطُ ... وَلأيْدي الخُطوبِ قبْضٌ وبسطُ
1 / 5
حلَّ البعد محل القرب، وهكذا تتحول الأحوال بين ضيق وسعة.
اعلمْ بأن الضَّيفَ يُخبرُ أهلَه ... بمبيتِ ليْلَتِهِ وإن لمْ يُسْألِ
أكرم ضيفك فإن الضيف يخبر أهله بما لقي في سفره، وإن لم يسألوه.
اعمَلْ بعِلمي وإِن قصَّرتُ في عمَلي ... ينفعْكَ عِلمي ولا يضرُرْك تَقصيري
اعمل بما علمتك، ولا تنظر إلى ما أعمله، فعلمي ينفعك، وتقصيري في عملي لا يضرك.
أغَمِّضُ للصديقِ عن المساوي ... مخافةَ أنْ أعيشَ بلا صديقِ
طالما أغضيت عن عيوب الصديق خشية أن أفقده فأعيش بلا صديق.
أفادتني الأيامُ والدهرُ أنَّهُ ... وِدادي لمَنْ لا يحفَظْ الودَّ مُفسِدي
علمتني الأيام أن إخلاصي لمن لا يخلص لي، يضر بي.
أفادتني القناعةُ كُلَّ عِزٍ ... وأيُّ غِنىً أعزُّ من القناعة؟
القناعة عز وغنى ليس لهما مثيل.
أفسدتَ بالمَنِّ ما أوليْتَ من مِننٍ ... ليسَ الكريمُ إذا أعطِى بمنَّانِ
أعطيت ثم مننت فأفسدت عطاءك بمنك، والكريم لا يمُنّ بما أعطى.
أفعالُ مَن تلدُ الكرامُ كريمةٌ ... وفِعالُ من تلدُ الأعاجِم أعجَمُ
فعل الكريم كريم وفعل اللئيم لئيم.
أقبِل على النفسِ واستكمِلْ فضائلَها ... فأنتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إنسانُ
كن فاضلًا كامل المروءة، فالإنسان إنسان بنفسه لا بجسده.
اقبَلْ من الدهرِ ما أتاكَ بِهِ ... مَنْ قَرَّ عَيْنًا بعيْشِه نفَعَهْ
اقنع بما أعطاك الدهر، والقانع سعيد.
اقنعْ مِنْ الرزق بما أوتيتَهُ ... ولا تَكَلَّفْ منهُ ما كُفيتَهُ
اقنع برزقك، ولا تتكلف فوق ما يكفيك منه.
أصونُ عرضي بمالي لا أُدنِّسهُ ... لا باركَ اللهُ بعدَ العرضِ بالمالِ
إنني أصون شرفي بمالي، ولا بارك الله بالمال إذا ذهب الشرف.
أكْثِرْ مِنَ الصديقِ ... لكلِّ يومِ ضيقِ
أكثر من أصدقائك فهم ينفعونك في الشدائد.
ألا إنَّما مالي الذي أنا منفقٌ ... وليسَ لي المالُ الذي أنا تارِكُهْ
مالي هو ما أنفقته على نفسي في حياتي لا ما تركته للورثة بعد موتي.
ألا رُبَّ نُصحٍ يغلقُ البابُ دونه ... وغِشٍّ إلى جنْبِ السريرِ مُقرَّب
رب نصوح يُبْعد ورب غشاش يقرب.
الاقتصادُ من الأمورِ مَمْلكه ... والخُرقُ لا يُعقِبُ إلا الهلَكَهْ
الاقتصاد ملك والسرف خرق وهلك.
البغيُ يَصْرَعُ أهلَهُ ... والظُّلم مرتَعُهُ وَخيمُ
الظالم يصرعه ظلمه.
الحرُّ يُلْحى والعصا للعَبدِ ... وليس للمُلْحِفِ مثلُ الرَّدِّ
يكفي الحر أن تلومه ليرتدع، والعبد لا تصلحه إلا العصا، والملحف الملح لا يكفه إلا الرد والصد.
الخيرُ أبقى وإن طال الزَّمانُ به ... والشرُّ أخبثُ ما أوعيْتَ من زادِ
الخير يبقى، ويبقى جزاؤه وإن بعد، والشر أشد زادك خبثًا.
الدهرُ يفترسُ الرجالَ فلا تكُن ... ممَّن تُطيِّشُه المناصبُ والرّتَبْ
لا تغرنك المناصب فالدهر يفترس الناس.
الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشُّجعانِ ... هو أوَّلٌ وهيَ المحلُّ الثاني
الرأي قبل الشجاعة.
الرزقُ يبغي كلَّ مَن يبغيهِ ... وكُلُّ ذي رزقٍ سيَسْتَوفيهِ
الرزق يطلبك وإن لم تطلبه، ولا بد لكل إنسان أن يستوفي رزقه كله.
الرّفقُ يُمنٌ والأناة سعادةٌ ... فتأنَّ في أمْرٍ تُلاقِ نَجاحًا
الرفق في الأمور خير من العنف، والأناة خير من العجلة، فتأن تنجح.
السيدُ البَرُّ لا يستجيزُ أذىً ... ولا يبوحُ بِسرّ عندَه كُتِما
الفاضل لا يجيز لنفسه أذى الناس ولا يبوح بأسرارهم إذا ائتمنوه عليها.
السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ ... في حدِّهِ الحَدُّ بين الجدِّ واللَّعبِ
في السيف النبأ اليقين لا في الكتب، وفي حد السيف الحد بين الجد واللعب.
الشرُّ طبع ودنيا المرءِ قائدَةٌ ... إلى دناياهُ والأهواءُ أهْوالٌ
الشر طبع في الشرير، والدنيا تقود المرء إلى الدنايا، والأهواء أهوال.
الشرُّ قَدْ تبدؤهُ صِغارهُ ... والمَرْءُ قَدْ يُسْلِمهُ حِذارهُ
صغير الشر يقود إلى كبيره، وقد يؤتى المرء من مواطن حذره.
1 / 6
الشكرُ في الناس قليلٌ جدًّا ... إنْ لم تُصابِرهمْ بقيتَ فَرْدًا
قلَّ من يشكر صاحب الفضل، فارض بالناس على ما هم عليه وإلا عشت وحيدًا.
الشيءُ ذو نقصٍ إذا تناهى ... والنفسُ تنقادُ إلى رَداها
إذا تمَّ أمرٌ نقَص، والنفوس مولعة بما يرديها.
الصدقُ أنفعُ ما حضَرتَ بهِ ... ولرُبَّما نفعَ امرأً كَذِبُهْ
احرص على الصدق فهو دائم النفع، وإن كان الكذب ينفع أحيانًا.
الصمتُ إن ضاقَ الكلامُ أوسعُ ... لكُلِّ جنبٍ ذاتَ يومٍ مصْرَعُ
إذا لم تستطع الكلام كما يملي عليك ضميرك، فالسكوت خير، ولا بد لكل إنسان أن يموت.
الصمتُ حزمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ ... يسعَدُ بالقولِ ويَشقَى قائِله
الصمت حزم، وقل من يصمت، وربما سعد القائل بقوله أو شقي به.
العاقلُ النِّحريرُ محتاجُ إلى ... أنْ يستعينَ بجاهلٍ مَعْتوهِ
ربما احتاج العاقل إلى الجاهل لمخاصمة الجهلاء.
العبدُ يُقرعُ بالعصا ... والحُرُّ تكفيهِ الملامَهْ
الحر يكتفي باللوم والعبد لا تؤدبه إلا العصا.
العزمُ في غيرِ وقتِ العزمِ مَعجزةٌ ... والازديادُ بغيرِ العقلِ نُقصانُ
العزم في غير وقته عجز، والزيادة في غير العقل نقص.
العفوُ والصَّفحُ أداة الصابِرِ ... والخُبْثُ والمَكْرُ لباسُ الفاجِرِ
الصابر يستعين بالعفو والصفح، والفاجر أداته الخبث والمكر.
العلمُ ينهضُ بالخسيسِ إلى العُلا ... والجهلُ يقْعُدَ بالفتى المنسوبِ
العلم يرفع من ليس له نسب، والجهل يخفض من له نسب.
العيبُ في الجاهلِ المغمورِ مغمورُ ... وعيبُ ذي الشّرف المذكورِ مذكورُ
عيب الجاهل مغمور وعيب العالم مشهور.
الفحش مذمومٌ قبيحٌ كاسمهِ ... والمرءُ محسودٌ بفضلِ علمِهِ
الفحش مثل اسمه مذموم، والمرء يحسد على علمه.
الفقرُ يُزري بالفتى في قومِه ... والعينُ يُغضيها الكريمُ على القَذى
الفقر يزري بالفقير وإن كان عالمًا، والكريم يُغضي على القذى، وإن كان يراه.
القصدُ أولى من بلوغِ الغايهْ ... وكُلُّ شيءٍ فإلى نِهايهْ
التوسط في الأمور خير من الغلو فيها، ولكل شيء نهاية.
الكفرُ بالنعمةِ يدعو إلى ... زوالِها والشكرُ أبقى لها
إنكار النعمة يؤدي إلى زوالها، وشكرها يدعو إلى بقائها.
المالُ يَفْنَى ويبلى ... والذّكرُ أبقى وأجْمَلْ
يفنى المال ويبقى الذكر الجميل.
المرءُ بعدَ الموتِ أُحدوثةٌ ... يَفنى وتبقَى مِنهُ آثارهُ
إنما المرء حديث الناس بعد موته، وهو يفنى ويبقى ما ترك من أثر.
المرءُ منسوبٌ إلى فِعْلهِ ... والناسُ أخيارٌ وأمثالُ
يعرف المرء بما يفعل، والناس بعد موتهم لا تبقى إلا أخبارهم.
المرءُ يقْدمُ دنياهُ على خطرٍ ... بالكُرْه منه وينآها على سَخَطِ
يجيء الإنسان إلى الحياة كارهًا، ويغادرها كارهًا.
المقاديرُ بَيْنَنا ... يَتَرَقَّبْنَ حَيْنَنا
القدر يرقب موتنا.
المَكرُ والخِبُّ أداةُ الغادرِ ... والكَذِبُ المحْضُ سلاحُ الفاجرِ
سلاح الغادر المكر والغش وسلاح الفاجر الكذب.
الناسُ أخلاقَهم شتَّى وإن جُبلوا ... على تشابهِ أرواحٍ وأجسادِ
يختلف الناس في أخلاقهم ويتشابهون في أجسادهم.
الناسُ في فِطرتِهم سَواءُ ... وإِنْ تَناهت بهم الأهواءُ
الناس متساوون في الطبيعة مختلفون في الأهواء والغايات.
الناس يجرونَ إلى الغاياتِ ... فأمّةٌ تمضي وأخرى تأتي
هكذا البشر: تمضي أمة منهم وتأتي أمة أخرى.
الناسُ يَجرونَ على الأعراقِ ... يَجرونَ جريَ الضُمَّر العتاقِ
الناس يجرون في الحياة على حسب أنسابهم كما تجري الخيل
النفسُ إِن أتْبَعتَها هَواها ... فاغرةٌ نحْوَ رَداها فاها
إذا تركت نفسك على هواها أسرعت إلى الهلاك.
اليومَ حاجتُنا إليكَ وإنما ... يُدعى الطبيبُ لِساعةِ الأوصابِ
نحن اليوم نحتاج إليك فحقق ما نرجوه منك، والطبيب إنما يستدعي عند حاجة المريض إليه.
أما الطعامُ فكُلْ لنفسِك ما اشتهت ... واجعلْ لِباسَك ما اشتهاهُ الناسُ
كل ما تشتهي والبس ما يشتهيه الناس.
1 / 7
أَمرتُهمو أمري بمُنْعرَجِ اللّوى ... ولا أمرَ لِلمعْصي إلا مُضَيَّعا
لقد أمرتهم بما يصلحهم فلم يسمعوا، ولا رأي لمن لا يطاع.
أموالنا عارِيةٌ مردودهْ ... وللتقى عاقبةٌ محمودهْ
المال عارية مستردة، والتقوى خير زاد.
أنا المذنبُ الخطَّاءُ والعفو واسعٌ ... ولو لم يكن ذنبٌ لما عُرفَ العذرُ
أنا مذنب وأنت واسع المغفرة، وهل يعرف فضل العفو إلا عند الذنوب.
انتبه أنتَ ناعسْ ... كم إلى كَمْ تُنافِسُ
انتبه من نومك وكف عن منازعة الناس.
انْعَمي أمَّ خالد ... رُبَّ ساعٍ لقاعدِ
يا أم خالد رب رجل يسعى في خير آخر لا يسعى.
انعمْ ولِذَّ فللأمورِ أواخرُ ... أبدًا كما كانتْ لهُنَّ أوائِلَ
تمتع بالنعيم واللذة، فللأمور أواخر وأوائل.
إِنْ كنتَ تعفو فاعف عفو مُهنئ ... إحسانُه إن الكريمَ وهوبُ
إذا عفوت فليكن عفوك تامًا هنا. والكريم يعفو.
إِنْ لمْ تدافعَ طمعًا بياسِ ... خشَعْتَ ذلًا للِئامِ الناسِ
إذا طمعت ذللت.
إن إتباعَ المرءِ كُلَّ شهوه ... يُلبْس للقلب لباسَ قَسْوهْ
إتباع الشهوات مدعاة إلى قسوة القلوب.
إن الأسودَ أسودَ الغابِ همّتها ... يومَ الكريهةِ في المسلوبِ لا السَّلَبِ
همة المحارب الباسل منصرفة إلى قتل خصمه لا إلى سلبه.
إن الأمور إذا انسدَّتْ مسالكُها ... فالصبرُ يفتحُ مِنها كلَّ ما ارْتتَجا
مفتاح الفرج الصبر.
إن البقاء ما ترى قليل ... جَدَّ بأهلِ الغَفْلةِ الرّحيلُ
بقاء الإنسان في الدنيا قليل، وما أسرع أهل الغفلة إلى الرحيل.
إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا يَفْسُدانِ ولكن يفسُدُ الناسُ
لا يفسد الليل والنهار ولكن الناس هم الذين يفسدون.
إن السلاحَ جميعُ الناسِ تحملُه ... وليسَ كلَّ ذواتِ المِخْلب السَّبُعُ
كل الناس يحملون السلاح ولكنهم ليسوا يجيدون استعماله. كما أن ذوات المخالب والبراثن ليست كلها أسودًا.
إن الشبابَ حجةُ التصابي ... روائحُ الجنةِ في الشبابِ
حجة الشباب في لهوه شبابه، وفي الشباب روائح الجنة.
إن الشبابَ والفراغَ والجدَهْ ... مفْسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفْسَدهْ
الشباب والفراغ والثروةَ تفسد الناس.
إن العدوَّ وإِن أبدى مسالمةً ... يومًا إذا أمكنته غِرَّةٌ وثَبا
العدو إذا سالمك فليس سلمه إلا انتظارًا لغفلة منك حتى يثب عليك.
إن العفيف إذا استعانَ بخائن ... كان العفيف شريكَه في المَأْثَمِ
إذا استعان الشريف بخائن كان شريكه في الخيانة.
إنا لفي زمنٍ تركُ القبيحِ به ... مِنْ أكثرِ الناسِ إِحسانٌ وإِجمالُ
حسبنا في دهرنا هذا ألاَّ يسيء إلينا الناس.
إن الكذوبَ إذا ما كان ذا كذبٍ ... واخبرَ القومَ لم يُقْبَلْ وإن صدَقا
الكذوب لا يصدق وإن صدق.
إن الكرامَ إذا ما أيسروا ذَكروا ... مَن كان يألفُهم في المنزلِ الخشِنِ
الكريم إذا أصبح غنيًا ذكر صديقه أيام فقره.
إن الذي يُعجِبه بَنوهُ ... عَما قليلٍ نفسُه تَسُوه
من أعجبه بنوه ساءته نفسه.
إن المروءةَ ليسَ يُدركها امرؤٌ ... وَرِثَ المكارمَ عن أبٍ فأضاعَها
لا يدرك المجدَ فتى ضيع مجد آبائه.
إن المصائبَ تنتهي أوقاتُها ... وشماتةُ الأعداءِ بالمرصادِ
تنتهي مصائب الإنسان وتبقى شماتةَ الحساد.
إن المعلمَ والطبيبَ كلاهُما ... لا ينصحانِ إذا هُما لم يُكْرَما
لا ينصح المعلم والطبيب إلا إذا أكرما.
إن المقاديرَ إذا جَرَيْنا ... أحْزَنَّ عَيْنًا وقَررْنَ عَيْنا
إذا جرت الأقدار أفرحت قومًا وأحزنت قومًا.
إنَّ المقاديرَ إذا ساعدتْ ... ألْحَقَتِ العاجزَ بالحازمِ
إذا ساعد القدر كان الحازم مثل العاجز.
إن النساء رياحينٌ خُلِقْنَ لنا ... وكلُّنا يشتهي شَمَّ الرياحينِ
النساء ريحانة يشتهي كل إنسان شم رائحتها الذكية.
إنَّ بعضًا من القريضِ هُراءٌ ... ليسَ شيئًا وبعضُهُ أحكامُ
بعض الشعر حكمة وبعضه هذيان.
إن ختَمَ الله بغفرانه ... فكلُّ ما لاقيتُهُ سهلُ
1 / 8
كل ما ألقاه في الحياة سهل إذا ختم الله لي بمغفرته.
إن خُلْفَ الوعيدِ ليس بعارٍ ... إنما العارُ كلُّه خُلْفُ وعْدِك
إذا أخلفت وعيدك أحسنت وإذا أخلفت وعدك أذنبت.
إنَّ خيرَ الدموع عَينًا لَدمْعٌ ... بعثَتْه رعايةٌ فاستَهلاَّ
خير الدموع دمعة حنان.
إن دونَ السؤالِ والاعتذار ... خُطَّةً صَعْبة على الأحرارِ
بين سؤالك حاجتك والاعتذار عن عدمِ تلبيتها موقف صعب على كل حر.
إنَّ عِزَّ اليأس خيرٌ ... لكَ مِنْ ذُلّ الأماني
عز اليأس خير من ذل الأمل.
إِنَّ غدًا لا تستطيع صَدَّهُ ... وأمسِ لا تَقدِرْ أن تَرُدَّهُ
أنت لا تستطيع أن ترد أمس، ولا تستطيع أن تمنع الغد.
إنَّ في الموجِ للغريقِ لَعُذْرًا ... واضحًا أنْ يفوتَه تعدادُهْ
لا يعد الغريق الأمواج.
إنكَ إن لم ترضَ بالمسالمهْ ... لم تصحب الناسَ على المكارمَهْ
إذا لم ترض بمسالمة الناس لم يكرموك ولم يسالموك.
إن للاعتذارِ حقًا من العف ... ويراه المُقرُّ بالانصافِ
العذر يستحق العفو، إذا أنصفت.
إنما الجودُ أن تجودَ على مَنْ ... هو للجودِ والعطا مِنكَ أهلُ
الجود هو أن تجود على من يستحق.
إِنما الدنيا كرؤيا ساعةٍ ... مَنْ رآها فرَّحَتْهُ وانقضَتْ
الدنيا حلم تفرح به ساعة ثم ينقضي.
إنما ذَلَّ مَنْ طَمِعْ ... وارتدى العزَّ مَنْ قَنعْ
الذل في الطمع والعز في القناعة.
إنما قَصْر كلِّ شيءٍ ... إذا طارَ أنْ يَقَعْ
لا بد لمن طارَ أن يقع.
إن مَنْ أحوجَكَ الدهرُ إليه ... فتعرضتَ لَهُ هُنْتَ عليهِ
إذا احتجت إلى إنسان وسألته هنت عليه.
إنَّ هدايا الرجالِ مُخْبِرةٌ ... عن قَدْرهم قلَّلوا أو احتَفَلوا
الهدايا على قدر المهدين.
إني أريدُكَ للدنيا وعاجِلِها ... ولا أريدُكَ يومَ الدينِ للدّينِ
أنا أريدك لحاجات الدنيا ولا أريدك لشفاعة الآخرين.
أوشكَ أن لا يدومَ وصْل أخٍ ... في كُلِّ زَلاتِه تنافِرُهُ
إذا نافرت صديقك في كل زلة لم يبق لك صديق.
أوْضِحِ الشعرَ إذا ما قلتَهُ ... إِنما السائرُ منهُ ما وَضَح
أسْيرُ الشعر أوضحه.
أوَ كَلما طَنَّ الذبابُ زَجَرتُه ... إنَّ الذبابَ إذًا عليَّ كريمُ
لو زجرت الذباب كلما طن لكان علي كريمًا.
أولئك إخوانُ الصفاء رُزئتُهُمْ ... وما الكفُّ إلا إِصْبَعٌ ثمَّ إِصبعُ
رزئت إخواني واحدًا بعد واحد، ففقدت كفي وكنت بها أصول، وإنما الكف اصبع بعد اصبع.
أيا أسدًا في جسمهِ روحُ ضيغَمٍ ... وكَمْ أسدٍ أرواحُهُنَّ كِلابُ
أنت أسد، وروحك روح أسد، وهناك أسود أرواحهم أرواح كلاب.
أيُّ اعتبارٍ لذوي الأبصارِ ... عندَ اختلافِ اللّيلِ والنهارِ
ما أكثر عبرة من يعتبر عندما يطلع النهار ويأتي الليل.
إياكَ والغيبةَ والنميمهْ ... فإِنها منزلةٌ لئيمهْ
لا يفعل الغيبة والنميمة إلا لئيم.
أيامُنا تسيرُ ... كأنها تَطيرُ
أيامنا تنقضي مسرعة كأنها تطير طيرانًا.
أيةَ نارٍ قدحَ القادحُ ... وأيَّ جِدٍّ بلغَ المازحُ
القادح للشرارة الصغيرة يشعل نارًا كبيرة والمازح قد يبلغ بمزاحه ما لا يبلغه الجاد بجده.
أينَ الذي الهرمانِ من بنيانِه ... ما قومُه؟ ما يومُه؟ ما المَصرَعُ؟
أين مضى فرعون الذي بنى الهرم، وماذا فعل قومه؟ وكيف عاش؟ وكيف مات؟
أينَ أهلُ المنازلِ ... تَحْتَ صُمِّ الجنادلِ
كانوا يسكنون البيوت والقصور فأصبحوا يسكنون القبور.
أيها البائسُ صَبْرًَا ... إن بعدَ العُسْرِ يُسْرا
إن بعد العسر يسرًا. فاصبر.
أيُّها الشامتَ المُعيِّر بالده ... رِ أَأَنتَ المُبرَّأُ المَوْفورُ
يا من تعيرني بحوادث الدهر. هل أنت بمعزل عن مصائبه، بل أي إنسان لا تصيبه المصائب والنوائب.
أيُّها العاقلُ اللبيبُ تَصَبَّرْ ... كلُّ شيءٍ لهُ ابتداءٌ وغايَهْ
اصبر أيها العاقل، فكل شيء له بداية ونهاية.
أيُّها المبتدي جميلَك تَمِّمْ ... إِنَّ حسنَ الجميلِ بالإِتمامِ
1 / 9
إذا أحسنت فتمم إحسانك، فالأعمال بالتمام.
حرف الباء
بابُ الإلهِ خيرُ بابٍ يُرتَجى ... فما وراءَ مَنْ رجاهُ مُرْتجى
خير باب ترتجيه باب الله، وليس بعده باب.
باتَتْ تُشجّعني هندٌ وقد علِمتْ ... أنَّ الشجاعةَ مقرونٌ بها العَطَبُ
يشجعونني على الحرب، وقد علموا أن الشجاع معرض للتهلكة.
بادرٍ إلى الفرصةِ وانهضْ لما ... تريدُ فيها، فهيَ لا تَلْبَثُ
بادر الفرصة فإنها سرعان ما تمضي.
بادرْ بإِحسانكَ الليالِي ... فليسَ مِنْ غَدْرها أمانُ
بادر بالإحسان ما دمت قادرًا عليه، فما تدري متى تنقلب بك الليالي.
بادرْ فإن الزمانَ غِرٌ ... من قبلَ أنْ يفْطَنَ الزمانُ
بادر زمانك بالعمل أو باللذة قبل أن يفطن إليك.
بالرفقِ مارسْ ولاينْ منْ تُخالِطُه ... تربَحْ وغالِظْ إذا لمْ ينفعِ اللِّينُ
ارفق بمن تعاشره فإن لم ينفع اللين فعليك بالشدة.
بالصبرِ تدركُ ما ترجوهُ من أمَلٍ ... فاصبرْ فلا ضِيق إلا بعدَه فرَجُ
بالصبر تبلغ أملك، فاصبر فعقبى الضيق فرج.
بالذي نغتَذي نموتُ ونحيا ... أقتَلُ الداءِ للنفوسِ الدّواءُ
في طعامنا موتنا وحياتنا، والدواء طريق الداء.
بالملحِ نُصلحْ ما نَخشى تغيُّره ... فكيف بالملحِ إِن حلَّت بهِ الغِيرُ
الملح يصلح ما نخاف فساده، فكيف نصنع إذا فسد الملح.
بدأتُمْ فأحسنْتُم فأثنيتُ جاهدًا ... وإِن عدتمُ ثنَّيتُ والعَودُ أحمَدُ
أحسنتم إلي أولًا فأثنيت عليكم فعودوا بالإحسان أُعِد بالثناء، والعود أحمد.
بدا ليَ أني لستُ مدرِكَ ما مضى ... ولا سابقًا شيئًا إذا كانَ جائِيا
لست أدرك ما فات ولست أسبق ما سوف يأتي.
بذا قضتِ الأيام ما بينَ أهلِها ... مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ
هكذا قضت الأيام: مصائب قوم فوائد قوم.
بشاشةُ وجهِ المرءِ خيرٌ من القِرى ... فكيفَ بمنْ يأتي به وهْوَ ضاحِكُ
بشاشة صاحب البيت في وجه الضيف خير من قراه، وأحسن من ذلك أن تجمع لضيفك بين البشاشة والضيافة.
بُغاثُ الطيرِ أكثرُها فراخًا ... وأمُّ الصقرِ مقلاتٌ نَزورُ
الطيور الضعيفة كثيرة الفراخ، والطيور القوية قليلة الأولاد.
بكى على ما فاتَ من عمرِهِ ... وهلْ يعيدُ الدمعُ عُمرًا مضى
تبكي على ما فات من عمرك والبكاء لا يعيد ما فات.
بكى من الأمسِ فلما مَضى ... بكى عليهِ بعدَهُ في غَدِهْ
بكيت من أمس فلما جاء الغد بكيت عليه.
بلوتُ أمورَ الناسِ من عهدِ آدمٍ ... فَلم أرَ إلاَ هالكًا إثْرَ هالِكِ
الناس هالك بعد هالك.
بَلوتُ أمورَ الناسِ في كلِّ أمةٍ ... فلمْ أرَ أهلَ الخيرِ غيرَ قَليلِ
ما أقل أهل الخير.
بمنْ يثق الإنسانُ فيما ينوبهُ ... ومنْ أينَ للحرّ الكريمِ صِحابُ
ليس للإنسان من يثق به في مصائبه، وليس للحر أصحاب.
بني عَمّنا إِنَّ العداوةَ شرُّها ... ضغائن تَبقى في نفوسِ الأقاربِ
أشد العداوة عداوة الأقارب.
بينا ترى الدّهرَ على حالةٍ ... يومًا تراهُ لِسواها انتَقَلْ
ما أسرع انتقال الدهر من حال إلى حال.
حرف التاء
تأملْ سطورَ الكائناتِ فإِنها ... مِنَ المَلأِ الأعلى إليكَ رسائلُ
الوجود كتاب، والخلائق سطوره، والكتاب رسالة من الله إلى الناس.
تأملْ فلا تسطيعُ رَدَّ مقالةٍ ... إذا القولُ في زَلاتِه فارقَ الفَما
أنت لا تستطيع أن ترد غلط لسانك إذا فارق فمك.
تأنَّ في الشيءِ إذا رمتَه ... لتعرفَ الرّشدَ مِنَ الغيِّ
تأن قبل أن تقوم بعمل، لعلك تميز الخير من الشر.
تَبًّا لمنْ يُمسي ويُصبحُ لاهيًا ... ومَرامُهُ المأكولُ والمشروبُ
ما أتعس اللاهي الذي لا يهمه غير طعامه وشرابه.
تُبدي عيونُهمو ما في قلوبِهِم ... والعينُ تُظهرُ ما في القلبِ أو تصفُ
في عيونهم نبأ ما في قلوبهم، والعيون دليل القلوب.
تتبُّعُ الأمرِ بعدَ الفوْتِ تغريرُ ... وترْكُه مُقبلًا عَجْزٌ وتقصيرُ
إذا تبعت ما فات فقد خدعت نفسك، وإن تركت ما بين يديك فقد قصرت في أمرك.
1 / 10
تَتمنى وتَعْجلُ ... والمقاديرُ تَعْملُ
أنت تتمنى وتستعجل الخير، والقدر يعمل ما يريد.
تَحلَّمْ عن الأدْنَينَ واستَبْقِ ودَّهُم ... ولنْ تستطيعَ الحلمَ حتى تَحَلَّما
كن حليمًا على الأقارب تستبق حبهم لك، وإذا لم تكن حليمًا فاصطنع الحلم، فالحلم بالتحلم.
تحملْ زلَّةَ الإِخوانِ عنْهُمْ ... إِذا زَلّوا وأنتِ بِهِمْ رَفيقُ
إذا زل أخوانك فتحمل زلاتهم في رفق وعطف.
تَخالفتِ الأغراضُ ناسٍ وذاكرٌ ... وسالٍ ومُشتاقٌ وبانٍ وهادمْ
هكذا الناس: ناس وذاكر، وسال وعاشق، وبان وهادم.
تُخوّفُني صروفَ الدّهر سَلْمى ... وكَمْ من خائفٍ ما لا يَكونْ
سلمى تخوفني صروف الزمان، وربما خاف الإنسان من أمور لا تحدث.
تذَكَّر نجْدًا والحديثُ شجونُ ... فَجُنَّ اشتياقًا والجنونُ فنونُ
تذكر بلاده فحنّ إليها كأنه مجنون، والجنون فنون.
تَذُمُّ دنيا إِن تأملتَها ... وجدت فيها ثَمَنَ الجَنَّهْ
لماذا تذم الدنيا وهي طريق الجنة.
تَرجو غدًا وغَدٌ كحاملةٍ ... أذِنَتْ وما تدْرونَ ما تَلِدُ
أنت ترجو غدك، ولا تدري ما يأتي به، كالحبلى لا تدري ماذا تلد.
ترَفَّقْ أيها المولى عَلَيْهم ... فإِن الرفقَ بالجاني عتابُ
ارفق بأتباعك يا سيدهم إن أساؤوا، فالرفق نوع من العتاب والعقاب.
يَرى الجبناءُ أن العجزَ عَقلٌ ... وتلكَ خديعةُ الطَّبعِ اللّئيمِ
الجبناء يرون الجبن عقلًا فيخدعون أنفسهم بلؤمهم.
تريدينَ أن أرضى وأنتِ بخيلةٌ ... ومَن ذا الذي يُرضي الأخلاءَ بالبُخلِ
أنت لا تجودين علي بشيء ثم تطلبين مني أن أكون راضيًا، والبخل لا يرضي أحدًا.
تريدين كيمَا تَجمعيني وخالدًا ... وهل يُجمعُ السيفانِ ويحكِ في غمدِ
تريد هذه المرأة أن تجمع بيني وبين رجل آخر، وهل في الإمكان جمع سيفين اثنين في غمد واحد؟
تريدينَ لقيانَ المعالي رخيصةً ... ولا بد؟ّ دونَ الشُّهدِ من إبرِ النحلِ
لا بد للمجد من عمل وجهد، كما لا بد من إبر النحل لبلوغ الشهد.
تزدحمُ الناسُ على بابِهِ ... والمَنْهلُ العذبُ كثيرُ الزِّحامْ
الناس يزدحمون على باب الكريم، والنبع العذب كثير الرواد.
تزَودْ من الدنيا مَتاعًا فإنه ... على كلّ حالِ خيرُ زادِ المزَوّدِ
الخير أطيب زاد في الدنيا، فتزود من الخير ما استطعت.
تسلَّ عن الهمومِ فليسَ شيءٌ ... يُقيم، ولا همومُكَ بالمُقيمَهْ
اسل عن همومك، فليست تدوم، بل لا شيء يدوم.
تَشَدَّدي تَفَرَّجي ... لِكُلِّ مكروبٍ أمَدْ
اشتدي أيتها المصائب فلا بد من الفرج.
تَصفو الحياةُ لجاهلٍ أو غافلٍ ... عما مَضى فيها وما يُتوَقَّعُ
الحياة تصفو للجهال والغافلين عما فيها.
تصفُو على المحسودِ نعمة ربِّهِ ... ويذوبُ من كَمَدٍ فؤادُ الحاسدِ
المحسود يتمتع بنعمة الله، والحاسد يذوب كمدًا.
تصيبُ الخيرَ ممن تزدَريه ... ويُخلِفُ ظنَّكَ الرَّجُلُ الطَّريرُ
ربما نفعك من تزدريه، وأخلف ظنك من ترتضيه.
تعَلَّم فليسَ المرءُ يولَدُ عالمًا ... وليسَ أخو علمٍ كمَنْ هو جاهلُ
تعلم، فالعلم بالتعلم، وما أبعد الفرق بين الجاهل والعالم.
تعوّدِ الخيرَ فتلكَ عادَهُ ... تدْعو إلى الغبطةِ والسّعادهْ
الخير عادة فتعودها تَسعَدْ وتُسعِدْ.
تكلَّم وسَدِّدْ ما استطعتَ فإنما ... كلامُكَ حَيٌّ والسكوتُ جمادُ
تكلم وليكن كلامك سديدًا، فالساكت ميت والمتكلم حي.
تُلجي الضروراتُ في الأمورِ إلى ... سلوكِ ما لا يليقُ بالأدَبِ
الضرورات تبيح المحظورات.
تلَذُّ له المروءةُ وهْي تُؤذي ... ومَنْ يَعشَقْ يلَذَّ له الغَرامُ
تلذ المكارم للكريم وإن كلفته التكاليف، والعاشق يلذ له حبه وإن أوجعه.
تَلْقى بكل بلادٍ إن حللتَ بها ... أهلًا بأهلٍ وجِيرانًا بجيرانِ
في كل بلد تحل فيه تجد أهلًا بدل أهلك وجيرانًا بدل جيرانك.
تَمتّع بمالِك قبلَ المماتِ ... وإِلا فلا مالَ إِن أنْتَ مُتّا
تمتع بمالك في حياتك، فإنه ليس لك بعد مماتك.
1 / 11
تمتعتُ منها يَومَ بانوا بنظرةٍ ... وهل وامِقٌ مِنْ نظرةٍ مُتمتِّعُ
كان متعتي من الحبيبة نظرة نظرتها إليها يوم سافرت، وهل تكفي المحب النظرة العجلى.
تموتُ الأسْدُ في الغاباتِ جوعًا ... ولا ترضى مُصاحبةَ السَّفيهِ
الأسود تفضل الموت جوعًا على أكل فضلات الثعالب.
تموتُ معَ المرءِ حاجاتْهُ ... وتَبْقى له حاجةٌ ما بَقي
حاجة الإنسان باقية ما بقي الإنسان حيًا فإذا مات انتهت.
تنالُ بالرّفقِ والتأَنّي ... ما لم تنلْ بالجَهلِ والتَعنّي
قد تدرك بالرفق والأناة ما لا تدركه بالجهل والجهد.
تنقلْ فلذاتُ الهوى في التنقلِ ... ورِدْ كلَّ صافٍ لا تقفْ عندَ منهلِ
تنقل في الحب فاللذة في التنقل، واشرب من كل نبع صاف، ولا تقف عند نبع واحد.
ثبتَتْ على حفظِ العهودِ قلوبُنا ... إِنّ الوفاءَ سجيةُ الأحرارِ
لقد حفظنا عهد الأصدقاء، والوفاء صفة النبلاء.
ثراءُ الفتى من دونِ انفاقِ ماله ... فسادٌ وإِنفاقُ الثراءِ نَماؤهُ
إذا أنفقت مالك زاد وإذا جمعته ولم تنفقه نقص.
ثراءُ المالِ يَفْنى بعدَ حينٍ ... وتبقى الباقياتُ الصالحاتُ
المال يفنى، والخير يبقى.
ثقةُ الفتَى بزمانِهِ ... ثقةٌ مُحَلَّلةُ العُرا
ثقة الإنسان بالزمان ليس لها أساس.
ثلاثةٌ أجْوَدُها العتيقُ ... الراحُ والدِّينارُ والصّديقُ
ثلاثة إذا عتقت كانت أكثر جودة: الخمرة والدينار والصديق.
ثلاثةٌ من أعظمِ الكَرامة: ... الدّينُ ثمّ العقلُ والسّلامَه
الكرامة في ثلاث: الدين والعقل والصحة.
ثلاثةٌ تُذهبُ عن قلبي الحَزَنْ: ... الماءُ والخضرةُ والوجهُ الحسَنْ
ثلاثة تذهب الحزن: الماء والخضرة والوجه الحسن.
ثلاثةٌ عن غيرِها كافيهْ: ... هي المُنى والأمْنُ والعافِيه
ثلاثة تكفي الإنسان إن تمتع بها: الأمل والأمن والعافية.
ثلاثةٌ فيهنَّ للمُلْكِ التَّلفْ: ... الظلمُ والإهمالُ أيضًا والسَّرفْ
هلاك الدولة وأصحابها في ثلاثة: الظلم، والإهمال، والتبذير.
ثلاثةٌ ليسَ بها اشتراكُ: ... المُشِطُ والمَرْآَةُ والسّواكُ
الناس ينفردون في ثلاثة: المشط والمرآة والسواك.
ثلاثةٌ ليس لها أمانُ: ... المالُ والسّلطانُ والزَّمانُ
لا أمان لثلاثة: المال والملك والزمان.
ثلاثةٌ هُنَّ دواعي النّقَمِ: ... الحِرصُ والبَغْيُ وكُفرُ النِّعمِ
دواعي النقمة ثلاثة: الحرص والظلم والكفر بالنعمة.
ثلاثةٌ يبقى بها السّلطانُ: ... العدْلُ والتَّدبيرُ والإِحسانُ
يُبقي الملك ثلاثة: العدل وحسن التدبير، وفعل الخير.
ثلاثةٌ يُجهَلُ مِقدارُها: ... الأمنُ والصّحة والقُوتُ
ثلاثة قل أن يعرف الإنسان قيمتها ما دامت، فإذا زالت عرفت: الأمن والصحة والطعام (أو الكفاية) .
ثَمِلٌ بكأسِ غرورِه ... والخَمْرُ آخِرُها خُمارُ
فلان مغرور وكأنه سكران، وشارب الخمر لا بد له من غياب العقل.
ثناءٌ من أميرٍ خيرُ كَسْبٍ ... لصاحبِ نِعمةٍ وأخي ثَراءِ
أصحاب النعم ورجال المال يجدون ثناء حكامهم وملوكهم عليهم خير كسب لهم لأنه يضمن لهم بقاء ثرواتهم ونعمهم.
ثَوبُ الرّياءِ يشِفُّ عما تحتهُ ... فإذا اكتسيتَ بهِ فإِنَّكَ عاري
إذا كنت تلبس ثوب الرياء فاعلم أنك عار، فثوب الرياء يظهر ما تحته.
ثيابُكَ إن بَلينَ تَجدْ سِواها ... ولسْتَ بواجدٍ عِرضًا بِعرْضِ
إذا بليت ثيابك وجدت ثيابًا أخرى، ولكنك لا تجد شرفًا إذا دنست شرفك.
حرف الجيم
جالسْ عدوَّك تعرفْ ما يكاتِمُه ... يَبدو القِلى في حديثِ القومِ والمُقَلِ
إذا نظرت إلى عين عدوك أو سمعت كلامه بدت لك عداوته في نظراته أو في حديثه.
جاملْ أخاك إذا استرَبْتَ بودِّه ... وانظرْ به عَقِبَ الزَّمانِ يُعاوِدِ
إذا انحرف صديقَك عنك أو كاد ينحرف فسايره وجامله فعسى أن يعود إلى نفسه.
جانٍ جَنى ذنبًا وأقبلَ تائبًا ... والعفوُ خَيرُ شمائلِ الأشرافِ
لقد أذنبتُ ثم تبتُ فاعف عني، فالعفو من شيم الكرام.
1 / 12
جراحاتُ السّنانِ لها التئامُ ... ولا يُلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
جراح السنان تلتئم، وجراح اللسان لا تلتئم.
جَربتُ دَهري وأهليه فما تركَتْ ... لي التجاربُ في ودِّ امرئٍ غرَضا
أصبحت لا أحرص على ود بعد أن جربت الناس، وعرفتهم.
جروحُ الليالي ما لَهُنَّ طبيبُ ... وعيشُ الفتَى بالفقرِ ليسَ يَطيبُ
لا تُداوى جروح الزمان، ولا يطيبُ عيشُ الفقير.
جَزينا بني شيبانَ أمسِ بِقرْضِهِمْ ... وعُدنا بمثلِ البَدء والعَوْد أحمدُ
جزينا بني شيبان بما فعلوا، وإن عادوا عدنا.
جزى اللهُ الشدائدَ كُلَّ خيرٍ ... عرفتُ بها عَدُوّي مِنْ صديقي
لقد عرفني ما حلّ بي من أزمات عدوي وصديقي، فجزاها الله خيرًا.
جمالُ أخي النُّهى كرَمٌ وخيرٌ ... وليس جمالَه عَرْضٌ وطولُ
جمال العاقل كرمه وخيره، وليس جماله في طوله وعرضه.
جمالُ الوجهِ معْ خُبثِ النفوسِ ... كقنديلٍ على قبرٍ المجوسي
إذا كان الوجه جميلًا وكانت النفس خبيثة، كانا مثل مصباح على قبر كافر.
جمعتَ مالًا ففَكِّر هل جمعتَ له ... يا جامعَ المالِ أيامًا تُفَرِّقُهُ
لقد جمعت أموالًا طائلة فهل تضمن نفسك حياة طويلة تنفق أموالك فيها.
جنى ابنُ عمِّكَ ذنبًا فابتُليتَ به ... إِن الفتى بابن عَمِّ السوءِ مأخوذُ
جنى غيرك جناية فحلت عقوبتها بك، وربما أخذ المرء بجناية غيره.
جنى ثمارَ مساعٍ كانَ غارِسَها ... وصاحبُ الغرسِ أولى الناسِ بالثَّمرهْ
هذا الرجل سعى وغرس أشجارًا ثم تمتع بأثمار ما غرس، وكل إنسان أحق باقتطاف ثمرة مساعيه.
جَهدُ البلاءِ صحبةُ الأضدادِ ... فإنَّها كَيٌّ على الفُؤادِ
ما أصعب صحبة من لا يشبهك، لكأنها النار تكوي القلب.
جَهلَ الديانةَ مَن إذا عرَضتْ لهُ ... أطماعُهُ لم يُلْفَ بالمتماسِكِ
من أطاع شهواته عندما تتيسر له ليس بتقي.
جهلًا عليَّ وجبنًا من عدُوِّهِم ... لبئستِ الخُلّتان: الجهلُ والجبُنُ
أنتم تجهلون علي وأنا الصديق، وتجبنون عن الأعداء، وبئست الخلتان الجبن والجهل.
جوابُ سوءِ المنطقِ السّكوتُ ... قد أفلحَ المُتَّئِدُ الصّموتُ
جواب الفحش السكوت.
جودُ الفتى يكفيكَ تسآلَه ... والعُدْمُ خيرٌ من سؤالِ البَخيلْ
إذا كان أخوك كريمًا لم تحتج إلى سؤاله، وإذا كان بخيلًا فلا تسأله، فالفقر خير لك من سؤال من لا يعطي.
حرف الحاء
حبُّ السلامةِ يَثني عزمَ صاحبهِ ... عنِ المعالي ويُغْري المرءَ بالكسَلِ
إذا كان المرء يحرص على السلامة لم يطلب المجد ورضي بالكسل.
حبٌّ هذا الحطامِ قد حطمَ النا ... سَ قديمًا من عَهدِ نوحٍ وآدمْ
حب حطام الدنيا حطم الناس منذ القديم.
حتى الكلابُ إذا رأتْ ذا نعمةٍ ... خَضَعَتْ إليه وحرَّكَتْ أذنابَها
الناس يحبون الأغنياء، بل إن الكلاب إذا رأت غنيًا بصبصت بأذنابها.
حتى رجعتُ وأقلامي قوائلُ لي ... المجدُ للسيفِ ليسَ المجدُ للقلمِ
عرفت أن المجد يكتب بالسيف لا بالقلم.
حتى متى يَلعبُ ليتَ شِعري ... سال به السَّيلُ وليسَ يَدْري
حتى متى يلعب هذا الإنسان الغافل وقد جاء السيل وهولاه عنه.
حذَّرتُك الكِبرَ لا يعْلقْكَ ميسَمُه ... فَإِنهُ مَلْبسٌ نازعْتَه اللهَ
الكبر رداء الله فلا تنازعه إياه!
حرِيٌّ بالعلا مَنْ يصطَفيها ... ويقتحمُ الخُطوبَ السّودَ فيها
من طلب المجد واقتحم الخطوب السود في سبيله كان جديرًا به.
حسبُ الفتى أن يكون ذا حسَبٍ ... مِنْ نفسِه ليسَ حسْبَهُ حسَبُهُ
حسب المرء بنفسه لا بآبائه.
حسْبُ الفتى عقلُه خِلًا يعاشرُه ... إذا تحاماه إخوان وَخِلاَّنُ
إذا جفاك إخوانك فحسبك عقلك من جليس.
حسبُ الكذوبِ من البليّ ... ةِ بعضُ ما يُحْكى عليهِ
يكفي الكذاب بلاء ما يتحدث به الناس عنه.
حسبُ الكريمِ مذلةً ونقيصةً ... أن لا يزالُ إلى لئيمٍ يرْغَبُ
حسب الكريم ذلًا حاجته إلى اللئيم.
حسْبي بعلمِي إنْ نفعْ ... ما الذلُّ إلا في الطَمَعْ
1 / 13
يكفيك علمي النافع، والذل في الطمع فيما وراء العلم.
حسَدوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَه ... فالكلُّ أعداءٌ لهُ وخُصومُ
العاجز يحسد من قدر على إدراك المجد.
حُسنُ الحضارةِ مجلوبٌ بتطريةٍ ... وفي البداوةِ حسنٌ غيرُ مَجْلوبِ
الحضريات يجلبن جمالهن بالزينة والمساحيق والبدويات حسنهن طبيعي.
حسنُ الفعالِ من الصلصالِ مقصودُ ... والمرءُ بالعقلِ مذمومٌ ومَحمودْ
والإنسان من طين، ومع ذلك فليفعل الخير.
حسنٌ قولُ نعم من بعدِ لا ... وقبيحٌ قولُ لا بعدَ نَعَمْ
ما أحسن أن تقول: نعم بعد أن قلت: لا وما أسوأ أن تقول: لا بعد قولك: نعم.
حُكْمُ المنيةَ في البريّة جاري ... ما هذه الدّنيا بدارِ قرارِ
المنية تتحكم في البرية، وليس في دار الدنيا قرار.
حلاوةُ دنياكَ ممزوجةٌ ... فما يُؤكَلُ الشهدُ إلا بِسَمّْ
حلاوة الدنيا ممزوجة بمرارتها، والسم في الدسم.
حمدتُ ابنَ منصورٍ بحسنِ فعالهِ ... وهل يُحسنُ الإِنسانُ إلا ليُحْمدا
لقد حمدتك بأفعالك، والإنسان يرغب في الحمد إذا أحسن.
حملتْ حَتفَها بأظلافِها الضأ ... نُ فأهدتْ مُدىً إلى الذَبَّاحِ
حملت الشاة حتفها بظلفها.
حوادثُ الدهرِ تمورُ مَوْرًا ... تسُرُّ طَورًا وتَسوءُ طَوْرًا
حوادث الأيام فيها ما يسر وفيها ما يسوء.
حياةٌ بلا مالٍ حياةٌ ذميمةٌ ... وعلمٌ بلا مالٍ كلامٌ مُضَيَّعُ
الحياة بلا مال مذمومة، والعلم بلا مال ضائع.
حياتُنا كالموتِ إن لم تَكنْ ... نَهْجًا إلى تخليدِ ذكرٍ يدومْ
حياتك مثل موتك إذا لم تعمل على تحقيق ذكر لك خالد.
حرف الخاء
خاطرْ بنفسِك كيْ تُصيبَ غنيمةً ... إن الجلوسَ مع العيالِ قبيحُ
اركب الأخطار لتغنم فالجلوس مع العيال لا يليق بالرجال.
خاطرْ بنفسك لا تقنعْ بمعجزةٍ ... فليسَ حُرٌّ على عجْزٍ بمعذورِ
اركب الأخطار ولاتكن عاجزًا، فالعجز ليس عذرًا للحر.
خذِ العفو دأبَ الذمّ واجتنب الأذى ... وأغْضِ تسُدْ وأرفِقْ تنل واسخ تُحمدِ
اعف، ولا تفعل ما تذم به، واترك أذى الناس وغضّ طرفك عنهم تسدهم، وارفق بهم تنل حبهم، وجُدْ عليهم تدرك حمدهم.
خُذْ بنصلِ السيفِ واتركِ غمدَهُ ... واعتبرْ فَضْلَ الفتى دونَ الحِللْ
احكم على السيف بنصله لا بغمده، واحكم على الفتى بفضله لا بثوبه.
خُذْ ما تراهُ ودعْ شيئًا سمعتَ به ... في طلعة الشمسِ ما يغنيكَ عن زُحلِ
صدق ما ترى لا ما تسمع، فالشمس الطالعة تغنيك عن زحل الغامض.
خُذْ من زمانِك ما صَفا ... ودَعِ الذي فيه كَدَرْ
خذ الصفو واترك الكدر.
خُذوا ما أتاكُمْ بهِ واغْنَموا ... فإنَّ الغنيمةَ في العاجلِ
خذ الغنم العاجل ودعم الغنم الآجل.
خَسِرَ الذي باعَ الخلودَ وعيشه ... بنعيمِ أيامٍ تُعَدُّ قلائلِ
أخطأت إذا بعت نعيم الخلود في الآخرة بنعيم أيام قليلة في الدنيا.
خَفْ دعوةَ المظلوم فهْي سريعةٌ ... طَلعَتْ فجاءتْ بالعَذابِ النازلِ
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب إذا طلعت إلى السماء نزلت إليك بالعذاب.
خَفْ يا كريمُ على عِرضٍ تُعرِّضهُ ... لعائبٍ فلئيمٌ لا يقاسُ بكا
احفظ عرضك من لئيم لا يقاس بك.
خلَتِ الديارُ فسدتُ غير مُسوَّدٍ ... ومنَ الشقاءِ تفَرُّدي بالسؤدَدِ
لقد أصبحت سيدًا عندما خلت الديار من السادة، وتفردي بالسؤدد شقاء.
خَلَتِ الديارُ فلا كريمٌ يُرتجى ... منه النوالُ ولا مَليحٌ يُعشَقُ
لم يبق في الديار كريم نرجوه، ولا مليح نعشقه.
خلِّصْ فؤادَك من غلٍّ ومن حسدِ ... والغِلُّ في القلبِ مثلُ الغل في العنقِ
دع عنك الغل والحسد، فالغل في الصدر مثل الغل في العنق.
خُلقَ اللسانُ لنطقهِ وبيانِهِ ... لا للسكوتِ وذاكَ حظُّ الأخرسِ
اللسان للبيان، والسكوت للأخرس.
خَلقَ اللهُ للحروبِ رجالًا ... ورجالًا لقَصْعَةٍ وثَريدِ
الرجال نوعان: نوع للحرب والمجد، ونوع للطعام والشراب.
خُلِقْنا رجالًا للتجلُّدِ والأسى ... ولسْنا نساءً للبُكَا والمآتمِ
1 / 14
خلق الرجال للصبر وللقدوة، وخلقت النساء للبكاء والعويل.
خَلِّ مَنْ قَلَّ خيرهُ ... لكَ في الناسِ غَيرُهُ
دع عنك قليل الخير، فالناس كثيرون.
خليلٌ أتاني نفعُه وقتَ حاجتي ... إليه وما كُلُّ الأخلاءِ ينفَعُ
لقد نفعني صديقي يوم حاجتي إليه، وما كل الأخلاء ينفعون.
خَليلكَ أنتَ لا مَن قلْت خِلّي ... وإِن كَثُرَ التجمُّلُ والكَلامُ
أنت خليل نفسك، لا من تراه خليلًا لك وإن كثر تودده إليك.
خَليلُك من صَفى لك في الودادِ ... وجارُك مَنْ أذَمَّ على البعادِ
صديقك من صفا لك حبه، وجارك من لا يذمك وإن كان بعيدًا عنك.
خَليليّ إما أن تُعينا وتُسعدا ... وإِما كفافًا لا عليَّ ولا لِيا
أيها الصديقان إما أن تعيناني على عدوي، وإما أن تقفا جانبًا فلستما لي ولستما علي.
خليليَّ لا واللهِ ما مِنْ مُلِمّةٍ ... تدومُ على حَيٍّ وإن هِيَ جَلَّتِ
لا تدوم المصيبة على إنسان مهما كانت عظيمة.
خليليَّ ليس الرأيُ في صدرِ واحدٍ ... أشيرا عليَّ اليومَ ما ترَيانِ
الرأي لا يكون في صدر رجل واحد فأعيناني برأيكما أيها الصديقان الناصحان.
خَليليَّ ما وافٍ بعهدي أنتما ... إذا لم تكونا لي على مَنْ أقاطعُ
أيها الصديقان إذا لم تكونا معي على عدوي فلستما من الأوفياء.
خَليليَّ من كَعبٍ أعينا أخاكما ... على دهرِه إِنَّ الكريمَ مُعينُ
أيها الصديقان أعيناني على دهري، والكريم من يعين.
خيرُ إِخوانِك المشاركُ في المُ ... رِّ وأينَ الشريكُ في المُرِّ أيْنا
خير أخوانك من يشارك في مصائبك، وأين هو هذا الأخ الوفي.
خيرُ الطيورِ على القصور وشرُّها ... يأوي الخرابَ ويَسْكنُ الناووسا
الطيور الصداحة تقف على أشجار الحدائق في القصور، والغربان الناعقة تأوي إلى الخرائب وتسكن القبور.
خيرُ الأمورِ ما حَمِدْتَ غِبَّهْ ... والمرءُ مَقْرونُ بمنْ أحَبَّهْ
الأمور بعواقبها، والمرء مع من أحب.
خيرُ الكلامِ قليلٌ ... على الكثيرِ دَليلُ
خير الكلام ما قلّ ودلّ.
حرف الدال
دارِ الصديقَ إذا استشاطَ تَغضبًُّا ... فالغيظُ يُخْرجُ كامنَ الأحقادِ
إذا غضب صديقك فداره، فالغيظ يخرج الأحقاد الكامنة في الصدور.
دَبَبْتُ له الضرَاء وقلتُ أبقى ... إذا عَزَّ ابنُ عمِّكَ أنْ تَهونا
لقد لاينته حتى أبقي على صداقته، وإذا عز أخوك فهُنْ.
دعاكمْ إلى خيرِ الأمورِ مُحمّدٌ ... وليسَ العوالي في القنا كالسّوافلِ
لقد دعاكم نبينا محمد إلى خير الأمور، وليس سنان القناة مثل صعدتها.
دعِ التكاسلَ في الخيراتِ تطلبُها ... فليسَ يَسعدَ في الخيراتِ كسْلانُ
جدَّ في طلب الخير، فليس ينال الخير كسلان.
دعِ الفؤادَ عن الدنيا وزُخرِفِها ... فصفوُها كدرٌ والوصْلُ هُجرانُ
اصرف قلبك عن الدنيا، فصفوها كدر ووصالها هجر.
دعِ اللومَ في شيءٍ إذا جئتَ مثلَه ... من الدهرِ يومًا كنتَ للنفسِ عاذِرا
لا تلم صاحبًا على عمل ربما قمت أنت به، فإذا لم تلمه وفعلت ما يفعل عذرت نفسك.
دعِ المقاديرَ تجري في أعِنَّتِها ... ولا تبيتَنَّ إلاّ خاليَ البالِ
خلّ القدر يفعل ما يشاء ونم مستريح البال.
دعامةُ العقل تمامُ الحِلمِ ... رُبَّ أخٍ لي لم تَلِدْهُ أُمّي
تمام الحلم في العقل، ورب أخ لك لم تلده أمك.
دعْ خبطَ عشواءَ في ليلاءَ مظلمةٍ ... هاجتْ أفاعيَ رُقْشًا بينَ أحجارِ
اسلك الطريق المستقيم، ولا تخبط في الليل خبط عشواء تثير الأفاعي بين الحجارة.
دَعْ عنكَ ما أعيا عليكَ أمرهُ ... كم زادَ في ذنْبِ جهولٍ عُذْرُهُ
اترك ما لا تستطيع، ورب عذر أقبح من ذنب.
دعْ كلَّ أمرٍ عنه يومًا يُعتذَرْ ... عَفْ كلَّ وردٍ غيرِ محمودِ الصَّدَرْ
إياك وما يعتذر منه، وإياك أن ترد إذا كنت لا تحمد الصدر.
دَعْ كُلَّ ما يدعو إلى فتنةٍ ... وسالمِ الناسَ تَعِشْ سالمًا
إياك والفتنة وسالم الناس تسلم.
دَعْ ما يريبُ لأمرٍ لا ارتيابَ به ... بذاكَ أوصى البرايا سَيّدُ البشَرِ
1 / 15
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. تلك وصية الرسول العربي الكريم.
دَعوني عنكمو راسًا براسٍ ... قَنعْتُ من الغنيمةِ بالإيابِ
دعوني منكم كفافًا لا علي ولا لي، لقد قنعت من الغنيمة بالسلامة.
دعي عنك المطامعَ والأماني ... فكمْ أمْنِيّةٍ جلبَتْ مَنِيّه
أيتها النفس، كفاك طمعًا، فرب أمنية جلبت منية.
دعيني أنَلْ ما لا يُنالُ مِنَ العلا ... فصعبُ العلا في الصعب والسهلُ في السهل
سأدرك من العلا ما لم يدركه أحد، أن أصعب المجد في الطريق الصعب، وسهل المجد في الطريق السهل.
دُمْ للخليلِ بوُدِّهِ ... ما خيرُ وُدٍّ لا يَدومُ
لتدم لصديقك مودتك، فالود الذي لا يدوم لا خير فيه.
دُنياكَ أرزاقٌ تذكِّرُ بعدَها ... أخرى تُنالُ بصالح الأعمالِ
الدنيا ميدان لطلب الرزق، والآخرة لا تدرك إلا بالأعمال الصالحة.
دنياكَ أشبهتِ المُدامةَ: ظاهرٌ ... حسَنٌ وباطنُ أمرها ما تَعْلَمُ
الدنيا كالخمر، ظاهرها جميل، وباطنها سكر وخمار.
دنياكَ دارٌ كُلُّ ساكنِها ... متوقعٌ سببًا مِنَ النّقْلِ
الدنيا دار يسكنها قوم يتوقعون الرحيل عنها في كل يوم.
دهرٌ علا قَدْرُ الوضيعِ به ... وهوى الشريفُ يَحُطُّه شرَفُهْ
هذا الزمان يشهد ارتفاع الحقير وسقوط الشريف.
دونَ الحلاوةِ في الزمانِ مرارةٌ ... لا تُخْتَطى إلا على أهوالِهِ
دون الحلاوة مرارة، ودون الآمال أهوال.
حرف الذال
ذاعتْ سريرَتُه وكلُ سريرةٍ ... للمرءِ تَظْهرُ من خلالِ فِعالهِ
كان يخفي ما في ضميره ثم ظهر للناس، والسرائر تبديها الأعمال.
ذرِ النفسَ تأخذْ وسْعها قبل بَينِها ... فمفترقٌ جارانِ دارُهما العُمْرُ
خذ حظك من حياتك قبل موتك، فالجاران اللذان يسكنان دار العمر لا بد أن يتفرقا.
ذريني أهبْ للمجدِ شرْخَ شبيبتي ... فإِنْ لم أبادرْها استبَدَّ بها العمْرُ
سأسعى إلى المجد وأبذل له شبابي، وإن لم يسع الرجل إلى المجد في شبابه لم يدركه في شيخوخته.
ذريني فإِنَّ البخلَ يا أمَّ هيثمٍ ... لصالحِ أخلاقِ الرِّجالِ سَروقُ
دع عنك البخل، فإنه يفسد أخلاق الرجال.
ذريني فإنّ البخلَ لا يُخلِدُ الفتى ... ولا يُهلِكُ المعروفُ مَن هو فاعلُهْ
لا يضمن البخل للإنسان الخلود، ولا يسرع في موته الجود.
ذريني وإِتلافيِ لمالي فإنني ... أحِبُّ من الأخلاقِ ما هو أجملُ
سأنفق مالي في وجوه الخير، والخير أحسن أخلاق الرجال.
ذُقْتُ كُلَّ الطعومِ حُلوًا ومُرًا ... فإذا الفقرُ شَرُّها والسؤالُ
ذقت طعوم الحياة من حلو ومن مر فوجدت طعم الفقر وذل السؤال أقساها مذاقًا.
ذكرى العهودِ شيمةُ الكرامِ ... والغدرُ من طبائعِ اللِّئامِ
الكريم يذكر عهد إخوانه، واللئيم ينسى أهله ويغدر بأصدقائه.
ذكرُ الفتى عمرُه الثاني وحاجتُه ... ما فاتَه وفضولُ العيشِ أشغالُ
ذكر الرجل بعد وفاته عمر ثان له، وحاجته من الدنيا ما يكفيه قوته، وكل ما عدا ذلك فضول تشغله وما لها قيمة.
ذلُّ السؤالِ وثقلُ الشكر ما اجتمعا ... إلا أضَرَّا بماءِ الوجْهِ والبَدَنِ
ذل السؤال، وثقل الشكر على العطاء والإحسان يضران بالرجل، يبذل ماء وجهه، ويهزل جسمه.
ذُل الفتى حينَ يرجو حاجةً عرضَتْ ... وكِبْرُهُ بعدَها مِنْ لُؤمِ طينتِهِ
إذا تذلل الرجل في طلب حاجته، وتكبر إذا نال حاجته فهو اللئيم.
ذُل الفتى لعدوّه في حاجةٍ ... والموتُ عند ذوي النُّهى سيانِ
الذل والموت عند الأشراف متساويان.
ذَلَّ مَن يغبطُ الذليلَ بعيشٍ ... ربَّ عيشٍ ألذُّ منهُ الحِمامُ
من حسد الذليل على عيشته فهو لئيم وذليل مثله، وعيش الذليل أقسى من الموت.
ذَمَّ الزمانَ بنو الزمانِ وإِنما ... ذَمُّوا نفوسَهُم وإِنْ لم يَشعُروا
إذا ذم أهل الزمان، الزمان، فقد ذموا أنفسهم وما يشعرون، فليس الزمان إلا الناس الذين فيه يعيشون.
ذَمُّ الفتى من دونِ تجريبهِ ... ومدحُهُ يومًا ضَلالٌ بَعيدُ
من الضلال أن تذم الفتى وتمدحه دون تجربة.
1 / 16
ذهبَ التكرمُ والوفاءُ من الورى ... وتَصرَّمًا إلا مِنَ الأشعارِ
لم يبق أثر للكرم والوفاء في الناس، وإنما هما في الشعر والكلام.
ذَهَبَ الكرامُ بأسرهمْ ... وبَقِي لنا ليتٌ ولَوْ
ذهب الكرم وبقيت لنا كلمتا: ليتهم كانوا ... ولو كانوا ...
ذو الحزمِ لا يبتدي أمرًا يَهمّ به ... حتى يطالعَ ما تُبدي عواقِبُهُ
الحازم من لا يقدم على أمر قبل دراسة عواقبه.
ذو العقلِ يشقى في النعيم بعقلهِ ... وأخو الجهالةِ في الشّقاوةِ يَنْعَمُ
العاقل يشقى في الجنة، والجاهل ينعم في جهنم.
ذو الوُدِّ مني وذو القربى بمنزلةٍ ... وأخوتي أسوةٌ عندي وإخواني
أصدقائي وأقربائي في منزلة واحدة، وإخوتي في النسب مثل إخواني في الأدب.
ذي المعالي فَليعْلونْ مَنْ تعالى ... هكذا هكذا وإلاَّ فلا لا
هذه هي المعالي فليطلبها من علت نفسه وإلا فليسكت.
حرف الراء
راحةُ السرّ في التخلفِ عنْ كُ ... لِّ مرامٍ أضْحى بعيدَ المنالِ
الراحة في ترك طلب كل بعيد.
رأيتُ أخا الدنيا وإن كان خافضًا ... أخا سفرٍ يُسْرى به وهْوَ لا يدري
الذي يعيش في الدنيا، ولو كان سعيدًا، مسافر فيها وهو لا يعلم.
رأيتُ العِزَّ في أدبٍ وعقلٍ ... وفي الجهلِ المذَلَّةُ والهَوانُ
العز في الأدب والعقل، والذل في الجهل.
رأيتُ البعدَ فيه شقا ونأيٌ ... ووحشةُ كُلّ منفردٍ غريبِ
في البعد عن الأهل شقاء ووحشة.
رأيتُ النفسَ تكرهُ ما لدَيْها ... وتطلبُ كُلَّ ممْتَنعٍ علَيْها
النفس راغبة عما تملك، راغبة فيما لا تملك.
رأيتُ صلاحَ المرءِ يُصلِحُ أهلَهُ ... ويُعْديهِمو داءُ الفسادِ إذا فسَدْ
إذا صلح المرء صلح أهله وذووه، وإن فسد فسدوا.
رأيتُ غِبَّ الصبرِ يومًا يُحمدُ ... وإِنما النفسُ كَما تُعَوَّدُ
عاقبة الصبر محمودة، ولكل إنسان ما تعوَّد.
ربَّ أمرٍ أتاكَ لا تَحْمَدُ ال ... فَعَّال فيهِ وتَحْمَدُ الأفْعالا
رب أمر تحمده ولا تحمد فاعله.
رُبَّ أمرٍ تختشيهِ ... جَرَّ أمْرًا تَرْتَجِيهِ
رب أمر تخافه أعقب أمرًا تريده.
ربّ أمرٍ يَسوء ثمَّ يَسُرُّ ... وكذاكَ الزمانُ حلوٌ ومُرٌّ
قد يسوءك أمر ثم يسرك، والدهر حلو ومر.
رُبّ بعيدٍ كأخٍ ناصحٍ ... وابنِ أب متهمُ الغَيْبِ
قد ينصح الغريب ويغش القريب.
ربَّ حلمٍ أضاعه عَدَمُ الما ... لِ وجَهْلٍ غطّى عليه النعيمُ
قد يضيع حلم الفقير، ويغطي الغنى جهل الجاهل.
رُبَّ رجاءٍ جاءً مِنْ مخافَهْ ... ورُبَّ أمْنٍ سيعودُ آفَهْ
قد يأتي الرجاء من الخوف، وقد يتحول الأمن إلى هلاك.
رُبَّ ساعٍ لنائمِ ... رُبَّ بانٍ لهادمِ
قد يسعى الإنسان الساهر لإنسان نائم، وقد يبني الإنسان لمن يهدم البناء.
رُبَّ سرورٍ وحبورٍ وطرَبْ ... جَرَّ إلى وقْعِ الحروبِ والحَرَبْ
قد تكون عقبى السرور والطرب العداوة والحرْب.
رُبّما تجزعُ النفوسُ منَ الأم ... رِ له فُرجةٌ كَحَلِّ العِقالِ
قد تجزع من أمر ثم سرعان ما ينفرج كما يحل العقال.
ربّما سَرَّك البعيدُ وأصلا ... كَ القريبُ النسيبُ نارًا وعارًا
قد ينفعك الغريب ويضرك القريب.
ربَّ مَن ترجو به دفعَ الأذى ... عنكَ يأتيكَ الأذى مِن قِبَلِهْ
قد ترجو أمرأً لدفع الأذى عنك، فإذا هو يؤذيك.
ربَّ مهزولٍ سمينٌ عرضه ... وسمينِ الجسْمِ مهزولُ الحسَبْ
رب رجل هزيل، وعرضه سمين ورب رجل سمين، وعرضه هزيل.
رُبَّ يأسٍ هو الغِنى ... صاحبُ الحِرصِ في عَنا
في اليأس غنى، وفي الحرص فقر وعناء.
ربَّ يوم بكيْتُ منه فلما ... صرتُ في غَيرِهِ بكَيْتُ عليهِ
قد أبكي ألمًا من يوم فإذا انقضى وجاء يوم غيره، تحسرت وبكيت عليه.
رِضا الذليل بخفضِ العيشِ مُنقصةٌ ... والعزُّ عند رَسيمِ الأيْنُقِ الذُّلْلِ
الذليل يرضى بعيشه الناعم، والعزيز يرفض الذل والرفاه ويفضل طلب المجد على ظهور النياق في لهب الصحراء.
رُفِعَ الكَلْبُ فاتّضعْ ... ليسَ في الكلبِ مُصْطَنَعْ
1 / 17
أنت لا تستطيع رفع الكلب الوضيع، ولست تجد فيه أهلًا لمعروفك.
حرف الزاي
زُرْ قليلًا لِمنْ يوَدّك غِبًّا ... فدوامُ الوِصالِ داعي المَلالِ
زر غبًا تزدد حبًا.
زُر مَن تُحبّ وإِن تناءتْ دارُه ... ليسَ البعيدُ معَ الهوى ببعيدِ
زر حبيبك وإن بعد مزاره، فالبعيد مع الحب قريب.
زعموا أن مَنْ تباعَدَ يَسلو ... ولقد زادني التباعدُ وَجْدا
قالوا إن من بعد عن حبيبه يسلوه، فما لي كلما زدت بعدًا زدت شوقًا إليه.
زمانٌ كلُّ حِبِّ فيه خِبٌّ ... وطعْمُ الخِلِّ خَلٌّ لو يُذاقُ
أصبح الحب خبا وخداعًا وأصبح طعم الخِلّ مثل طعم الخَلّ.
زمنٌ نعمْتُ بهِ ولكنْ لم يطُلْ ... وكذاكَ أوقاتُ السرورِ قصارُ
كانت تلك الأيام أيام سعادة ولكنها كانت قصيرة، وكل أيام السرور قصيرة.
زنِ القولَ من قبلِ الكلامِ فإِنّما ... يدُلُّ على قدْرِ العقولِ التكلُّمُ
زن كلامك قبل أن تنطق به، فالكلام ميزان العقول.
زهدْتُ وزهدي في الحياةِ لِعلَّةٍ ... وحُجَّةُ مَنْ لا يبلغُ الأمل الزّهدُ
زهدت في الدنيا لأني لم أستطع الحصول عليها، وحجة كل مخفق في تحقيق أمله أنه صاحب زهد.
زوَّجَ العجزُ بنتَه للتواني ... فغدا من نِتاجها الحِرْمانُ
تزوج الكسل بنت العجز فكان الحرمان ولدهما.
زوِّدينا من حُسْنِ وجْهكِ مادا ... مَ فحسنُ الوجوهُ حالٌ تحولُ
دعينا نتمتع بهذا الوجه الجميل، فكل حسن لا بد أن يزول.
زيادةُ الإِلحاحِ والإِصرارِ ... ذريعةُ الحرمانِ والخَسارِ
الإلحاح والإصرار طريق الحرمان.
زيادةُ العَتْبِ نقضٌ للودادِ فلا ... تُكْثِر عتابَ الذي تَرْجو مودَّتهْ
العتب الشديد دليل على الود القليل، فلا تكثر عتاب الصديق.
زيادةُ العمر في جهلٍ وفي سفهٍ ... زيادةٌ هي في التحقيق نُقْصانُ
زيادة عمر الجاهل والسفيه نقص لا زيادة.
زيادةُ المرءِ في دنياهُ نقصانُ ... ورِبْحُه غيرَ مَحْضِ الخيرِ خُسرانُ
زيادة الغني نقص، والربح خسارة إلا ربح عمل الخير والمعروف.
زيّنْ أخاك بحسن وصفِك فضلَهُ ... وأذِعْ لما يأتي مِنَ الحسَناتِ
انشر فضل أخيك وأذع حسناته.
زينةُ العِلمِ بالعَمَلْ ... فَدَعِ العَجْزَ والكَسَلْ
العمل زينة العلم، فإياك والكسل.
زينةُ القولِ بالفِعالِ فإِيا ... كَ وقَولًا لا تستطيعُ فِعالَهْ
تمام القول بالفعل، فاترك قول ما لا تستطع فعله.
زينةُ المرءِ عِفَّةٌ وكمالٌ ... فإِذا وَليّا عَنِ المرءِ وَلّى
زينه الإنسان بعفة نفسه وكمال أخلاقه، فإذا ذهبا عنه ذهب.
حرف السين
سآتي جميلًا ما حَييتُ فإنّني ... إِذا لم أُفِدْ شُكرًا أفدْتُ به أجْرًا
سأعمل الخير ما دمت حيًا، فإن لم أنل عليه شكر الناس، نلت رضا الله وجزاءه.
سأحجبُ عني أسرتي عندَ عُسْرتي ... وأبرُزُ فيهِمْ إِن أصبْتُ ثَراءَ
إذا عسرت احتجبت عن الناس لكيلا أسألهم، وإذا أيسرت برزت لهم لكي أعطيهم.
ساعدِ أخاكَ في جميعِ حالِهْ ... وكُنْ إذا ما زالَ في زِيالِهْ
ساعد أخاك على كل حال وكن معه أينما كان.
ساعدْ صديقك في أمرٍ يحاولُه ... فالحُرُّ للحُرِّ معوانٌ على الزَّمنِ
ساعد صديقك فيما يريد، فالحر يعين الحر.
سافرْ تجدْ عِوضًا ممّن تفارقُه ... وانصَبْ فإن اكتسابَ المجدِ في النّصَبِ
سافر تجد إخوانًا بإخوان، واتعب فالمجد في التعب.
سألتُ الناسَ عن خِلٍّ وفِيٍّ ... فقالوا: ما إلى هذا سبيلُ
لا يمكن أن تجد صديقًا وفيًا، فلا تتعب نفسك في السؤال عنه.
سألزِمُ نفسي الصَّفحَ عن كل مذنبٍ ... وإن عظُمتْ منهُ عليَّ الجَرائمُ
سأعفو عن كل من أساء إلي، وإن كان ذنبه عظيمًا.
سامحْ صديقَك إن زلَّت به قدمٌ ... فليسَ يَسلمُ إنسانٌ من الزَّللِ
سامح صديقك إذا أخطأ، فليس في الناس من لا يخطئ.
سبحانَ مَن قَسَمَ الحظو ... ظَ فلا عتابَ ولا مَلامَهْ
سبحان الله الذي قسم الحظوظ بين الناس، فلا نحن قادرون على الاعتراض على إرادته ولا عتابه على ما قسم لنا من حظوظ.
1 / 18
سبقتَ إليهم مناياهُمو ... ومنفعَةُ الغَوثِ قبْلَ العَطَبْ
لقد أدركتهم وأنقذتهم من الموت، ومنفعة الإغاثة قبل هلاك المستغيث.
ستُبدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلًا ... ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لمْ تُزَوِّدِ
ستخبرك الأيام بما جهلت، ويأتيك بالأخبار من لا تعرفه.
ستدركُ من ذي الفُحشِ حقَّك كلهُ ... بحلمِكَ في رفْقٍ وإِنْ لم تَشدَّدِ
بالرفق تدرك حقك من الفاحش، مهما كان بذيئًا.
ستَلقى من عَدوِّكَ كُلَّ كيدٍ ... إذا كادَ العَدُوُّ ولمْ تَكِدْهُ
إذا لم تكد عدوك كادك.
ستورُ الضمائرِ مهتوكةٌ ... إذا ما تلاحظتِ الأعْيُن
الأعين تهتك ما في الضمائر.
سَحْبانُ من غير مالٍ باقل حَصِرٌ ... وباقِلٌ في ثراءِ المالِ سَحْبانُ
المال يُنطق العيي والفقر يخرس الخطيب المفوه، فسحبانُ هو باقلٌ إذا كان فقيرًا، وباقلٌ هو سحبان إذا كان غنيًا.
سقامُ الحرْصِ ليسَ له شفاءٌ ... وداءُ الجهلِ ليسَ له طبيبُ
الحريص مريض لا يشفى، والجاهل مصاب بداء ليس له دواء.
سُكْرُ الولايةِ طَيِّبٌ ... وخُمارُها صَعْبٌ شديدُ
ما أطيب الولاية يسكر بها الوالي ما دام واليًا وما أقبح العزل فكأنه الخُمار بعد السكر الشديد.
سلِمْتُ من العدوِّ فما دَهاني ... سوى مَن كان مُعْتمدي علَيْه
سلمت من العدو وأصابني الصديق.
سَلي إنْ جهلتِ الناسَ عنّا وعنهمو ... فليسَ سواءً عالمٌ وجَهولُ
إذا جهلت من نحن فاسألي الناس عنا، فهم يعرفوننا، ولا يستوي العالم والجاهل.
سوفَ تُجزى بالذي أوليْتَهُ ... وكذاكَ المرءُ يُجْزى عَمَلَهْ
كل امرئ مَجزيٌّ بعمله.
سوفَ تَرى إذا انجلى الغبارُ ... أفرسٌ تحتكَ أم حِمار
ستعرف نفسك إذا زال غرورك، وستعرف ماذا تركب إذا انجلى عنك الغبار. أتركب فرسًا أم حمارًا.
سيذكُرني قومي إذا جدَّ جِدّهُمْ ... وفي الليلةِ الظلماءِ يُفْتقَدُ البدرُ
إذا نشبت الحرب ذكر قومي بطولتي وشجاعتي كما يذكر الساري في الصحراء البدر في الليلة الظلماء.
سينصفُ الدهرُ من قومٍ بدائرةٍ ... وفي الجديدين إِنصاف إذا دارا
ستدور الدائرة على الظالمين، والأيام تنصف المظلومين حين تدور.
حرف الشين
شاورْ سواكَ إذا نابتْك نائبٌ ... يومًا وإِن كنتَ من أهلِ المَشوراتِ
شاور غيرك وإن شاورك الناس.
شجاعٌ إذا ما أمكنَتْني فرصةْ ... وإِن لم تكُنْ لي فرصةٌ فجبانُ
أنا شجاع عندما تكون فرصة النصر ممكنة، وجبان إذا لم تسنح لي فرصة.
شجاعةُ المرءِ إذا لم تكُنْ ... من بعدِ رأيٍ من فنونِ الجنونْ
الشجاعة التي لا تعتمد على رأي ضرب من الجنون.
شِرارُ الناسِ يَروُونَ ... عن الأخيار ما شَاؤوا
شرار الناس مولعون بتلفيق الأخبار على الأخيار.
شَرُّ الأخلاءِ مَن كانت مودَّتُهُ ... معَ الزمانِ إذا ما خافَ أو رغِبا
شر الأصدقاء من يصحبك إذا كان الزمان معك، ومن يهجرك إذا كان الزمان عليك.
شَرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ به ... وشَرّ ما يكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
شر البلاد بلد لا تجد فيه صديقًا، وشر الكسب الذي تناله ما يلوثك.
شَرُّ الورى مَن ليس يُرجى خيرهُ ... يومًا ويُخشى شَرّهُ وضَيْرُهُ
شر الناس من لا يرجى خيره ومن يخاف شره.
شَرِّقْ وغرِّبْ تجدْ مِنْ معرضٍ عوَضًا ... فالأرض مِنْ تربةٍ والناسُ من رجُلِ
ارحل في كل مكان تجد ناسًا بناس، فالأرض واسعة وكلها من تراب، والناس كثيرون، وإن كانوا من سلالة رجل واحد.
شَرَه النفوسِ على الجسومِ بليَّةٌ ... فتعَوَّذوا من كُلِّ نفسٍ تَشْرَهُ
شره النفس بلاء الجسد، ونعوذ بالله من نفس شرهة.
شَطَّ وصلُ الذي تُريدينَ مِني ... وصغيرُ الأمورِ يَجْني الكبيرا
لقد زال حبي لك لإساءتك إلي، والصغير من الأمور يجني الكبير منها.
شفيعُ ذنبِ المُذنبِ الإِقْرارُ ... وتَوْبةُ المُقَصِّرُ اعتِذارُ
الإقرار بالذنب شفاعة له، وقد تاب من اعتذر.
شكرتُكَ إِن الشكرَ دَيْنٌ على الفتى ... وما كُلّ مَن أوليتَهُ نِعمةً يَقضي
1 / 19
شكرتك على معروفك وشكر المنعم دين على من أحسنت إليه. وأين من يشكر؟
شهدَتْ عليه بهِ شواهدُ ريبةٍ ... وعلى المُريبِ شواهدٌ لا تُدفعُ
كاد المريب يقول: خذوني. وعلى المريب دلائل وشواهد.
شهواتُ الإنسانِ تُكسبُه الذُ ... لّ وتُلقيه في البلاءِ الطويلِ
إذا استبدت الشهوة بالإنسان أذلته وأوقعته في البلاء.
شيئان لا تَحسُنُ الدنيا بغيرِهما ... المالُ يَصلُح منه الحالُ والوَلَدُ
شيئان هما زينة الحياة الدنيا: المال والولد.
شيئانِ لا خيرَ في اللذات بعدهما ... فقْدُ الشبابِ وبُعْدُ الأهلِ والولدِ
شيئان يمنعان كل سرور ولذة: فقد الشباب وبعد الأهل.
شيئانِ مِن شمائلِ اللئامِ ... الفحشُ والفضولُ في الكَلامِ
شيئان من أخلاق اللؤماء: الفحش في الكلام وتدخل المرء فيما لا يعنيه.
حرف الصاد
صاحبُ البَغيِ ليسَ يسلمُ منه ... وعلى نَفْسِه بَغى كُلُّ باغي
على الباغي تدور الدوائر.
صاحبُ الحِرصِ في تَعَبْ ... واللّيالي تُري العَجَبْ
يتعب الحريص نفسه، والليالي تلد كل عجيب.
صاحبُ الشهوةِ عبْدٌ فإذا ... خَالف الشّهْوةَ صارَ المَلِكا
صاحب الشهوة عبد لشهوته إذا أطاعها، وملك لها إن خالفها.
صاحبْ صديقَك واحذَرْ من مكايدِه ... فرُبّما شَرِقَ الإنسان بالماءِ
صادق صديقك على حذر، فقد يغص الشارب بالماء.
صادقْ خليلَك ما بدا لكَ نفعُه ... وإذا بدا لَكَ غِشُّهُ فتحَوَّلِ
صادق صديقك ما دام ناصحًا لك، فإذا غشك فاتركه.
صارَ جِدًَّا ما مزحتَ به ... ربَّ جِدٍّ جَرَّهُ اللَّعِبُ
كان الأمر مزاحًا فأصبح جدًا، وكم جد جره اللعب.
صَبِّرِ النفسَ عندَ كلِّ مُلِمٍّ ... إنَّ في الصبرِ حيلةَ المُحتالِ
اصبر في المصائب فما لك حيلة غير الصبر.
صبرتُ فكانَ الصبرُ خيرًا مغبةً ... وهلْ جزَعٌ مُجْدٍ عليَّ فأجزَعا
صبرت والصبر خير، ما دام الجزع لا يجدي.
صبرتُ ومن يصبِر يجد غِبَّ صبرِه ... ألَذَّ وأحْلى من جني الشَّهدِ في الفمِ
صبرت وعاقبة الصبر أحلى من العسل.
صُحْبةُ يومٍ نسبٌ قريبُ ... وذِمَّةٌ يحفظُها اللَبيبُ
الصحبة نسب يراعيه العاقل.
صحةُ الجسمِ والشبابِ مع الما ... لِ نعيمُ الدنيا وأيُّ نعيمِ
الصحة والشباب والمال نعيم الدنيا.
صحَّةُ المرءِ للسقامِ طريقٌ ... وطريقُ الفناءِ هذا البقاءُ
الصحة طريق المرض والبقاء طريق الفناء.
صديقُ عدوّي داخلٌ في عداوتي ... وإِني لِمَنْ ودَّ الصديقَ صديقُ
صديق عدوي عدوي، وصديق صديقي صديقي.
صديقُك عونٌ في الخطوبِ وعُدَّةٌ ... إذا نابَ أمرٌ أو نبا بكَ منزِلُ
صديقك يعينك في الخطوب.
صديقُكَ من يرعاك عندَ شديدةٍ ... فَكُلٌّ تراهُ في الرخاءِ مُراعيا
صديقك من أعانك في الشدائد، لا من لازمك في الرخاء.
صرتُ كأني ذبالةٌ نُصِبَتْ ... تضيءُ للناسِ وهْيَ تحترقُ
أنا مثل ذبالة المصباح تفنى وتضيء للناس.
صغيرُ القومِ في التأديبِ يُرجى ... ولا يُرجى على الأدبِ الكبيرُ
يؤثر التأديب في الصغير، ولا يؤثر في الكبير.
صَفِّ الضميرَ لمنْ تعاشرُه ... واسكُنْ إلى ثقةٍ تشاورُهُ
ليكن ضميرك صافيًا لأصدقائك، واستعن بمشورة أهل الثقة.
صلابةُ الوجهِ لم تَغلبْ على أحدٍ ... إلا تكاملَ فيه الشَّرُّ واجتمعا
إذا تمت لامرئ صفاقة الوجه تم فيه الشر.
صُنِ السّرَّ عن كل مستخبرٍ ... وحاذرْ فما الحزمُ إلا الحَذَرْ
صن أسرارك وكن حذرًا، فالحازم حذر.
صنْ حُرَّ وجهِك لا تهتِكْ غُلالتَه ... فكلُّ حُرٍّ لحرّ الوجهِ صَوّانُ
صن وجهك فكل حر يصون حر وجهه.
صيانةُ وجهِ المرءِ أو صونُ نفسِه ... هما عندَ أربابِ العقولِ سَواءُ
صيانة الوجه مثل صيانة النفس عند العقلاء.
حرف الضاد
ضاعَ معروفُ واضعِ ال ... عُرْفِ في غَيْرِ أهلِهِ
إذا وضعت معروفك عند من لا يستحقه أضعته.
ضجَرُ الفتى في الحادثاتِ مذمَّةٌ ... والصبرُ ألْيَقُ بالرجالِ وأوْفَقُ
1 / 20