Nazariyyat Tatawwur Wa Asl Insan
نظرية التطور وأصل الإنسان
Genres
ومن العلوم التي أحدثها التطور علم «اليوجنية» الذي يقصد به إصلاح ذرية الإنسان بأساليب صناعية؛ لأنه إذا كانت الطبيعة قد عملت لترقية الإنسان في الماضي، كما هو مدلول نظرية التطور، فمن واجب المدنية أن تعمل لترقيته في المستقبل.
ففكرة التطور قد شملت جميع المعلومات البشرية تقريبا، وبها يمكن تفسير أشياء عديدة كانت قبلا غامضة لا يمكن فهمها.
فلسفة التطور
أعظم ما يعوق التفكير المثمر والرأي المدروس أن تكون هناك عقيدة مألوفة أو عادة اجتماعية يمارسهما الناس لأن العادة التي ننشأ عليها - ذهنية أم اجتماعية - تحول بيننا وبين رؤية الحقائق كما تمنعنا من الانتقاد لما هو قائم بيننا.
وكثيرا ما نقرأ مؤلفات الفلاسفة الإغريق وفقهاء الدين في المسيحية والإسلام واليهودية فنجد العقول الناضجة والآراء السديدة، ثم نعجب بعد ذلك لأنه لم يعارض مثلا واحد منهم، ولو بالنقد العابر، هذه النخاسة التي كانت تحيط به في مجتمعه حين كان يباع الصبي والرجل والمرأة كما تباع البهائم.
وقد نزهوا نحن برقينا على أسلافنا في هذه الناحية. ولكن يجب ألا نتناسى أنهم كانوا معذورين؛ لأنهم نشئوا على هذه العقيدة أو العادة ومارسوها أو رأوا غيرهم يمارسها فلم يستطيعوا التغلب على عواطف الاقتناء التي أوجدتها النخاسة.
والعقيدة تحدث عاطفة تزعجنا بل تؤلمنا مخالفتها.
وعندما نتأمل نظرية التطور وشواهدها التي لا تحصى نعجب لتأخر الجماهير المثقفة في اعتناقها، ونعجب أيضا لأن أحدا من الفلاسفة لم يقل بها إلا منذ أقل من قرن، وعندنا أن مرجع ذلك هو الإيمان بالعقيدة الدينية التي تقول بأن الأحياء قد خلقت، كل حي مستقل في خلقه عن الآخر، فإن هذه العقيدة حالت دون التفكير في كرامة الإنسان وحريته.
وقد أصبحت نظرية التطور بعض عاداتنا الذهنية، وقد نقلناها من الأحياء إلى المواد والعناصر، وإلى المجتمعات والنظم السياسية والاقتصادية. بل نحن نحس الحاجة؛ لأن يعم التطور البيولوجي جميع البشر حتى يتغيروا إلى أحسن وأرقى مما هم عليه، ونحن بهذه النظرية نرى هذا الكون كله بعين جديدة، إذ نعرف أنه صائر متحرك وليس كائنا جامدا
وقد تعلمنا من السيكلوجية أن من أعظم ما يؤذينا في سلوكنا الاجتماعي وتصرفنا الشخصي هو هذه العواطف التي ورثناها من أسلافنا حين كنا في أطوار حيوانية نحتاج إليها، فنحن ما زلنا نغضب ونغار ونخاف ونقسو ونشتهي ونتشكك، وهذه العواطف تلغي عقولنا أحيانا وتعذبنا. وهي لا تختلف عن الأظافر التي تنمو بلا حاجة لنا بها إلى النمو، ولكننا نقلم أظفارنا ولا نستعز بنموها. أما العواطف فلا سلطان لنا عليها سوى سلطان العقل. وهو لا يزال في بدايته لم يسد السيادة التامة. ومن هنا الأمراض النفسية إذ هي جميعها أمراض العواطف التي لا تزال عالقة بنا بعد أن أدت مهمتها وكان يجب أن تموت. (العظام تتشابه: إنسان - إنسان منقرض - قرد)
Unknown page