Nayl al-awṭār
نيل الأوطار
Editor
عصام الدين الصبابطي
Publisher
دار الحديث
Edition
الأولى
Publication Year
1413 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Ḥadīth Studies
١٣٩ - (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ شَابَ إلَّا يَسِيرًا وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَّبَا
ــ
[نيل الأوطار]
لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ أَبُو دَاوُد وَلَا النَّسَائِيّ انْتَهَى، وَهُوَ الْجَرِيرِيُّ كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ السُّنَنِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي اسْتِحْبَابِ خِضَابِ الشَّيْبِ وَتَغْيِيرِهِ أَحَادِيثُ سَيَأْتِي بَعْضُهَا. مِنْهَا مَا أَخَرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ» .
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ» وَسَيَأْتِي. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ وَيَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَصْبُغُ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْهَا، وَكَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ» . أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَيُعَارِضُهُ مَا سَيَأْتِي عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «مَا خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُ الشَّيْبُ إلَّا قَلِيلًا قَالَ: وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي رَأْسِهِ لَفَعَلْتُ» . وَالْحَدِيثُ أَخَرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْرَهُ عَشْرَ خِلَالٍ: الصُّفْرَةَ - يَعْنِي الْخَلُوقَ - وَتَغْيِيرَ الشَّيْبِ» الْحَدِيثَ، وَلَكِنَّهُ لَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ أَحَادِيثِ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ قَوْلًا وَفِعْلًا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْخِضَابِ وَفِي جِنْسِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُ الْخِضَابِ أَفْضَلُ، وَرُوِيَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي النَّهْيِ عَنْ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ، وَلِأَنَّهُ ﷺ لَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَهُ، رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي بَكْرٍ وَآخَرِينَ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخِضَابُ أَفْضَلُ، وَخُضِّبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَكَانَ أَكْثَرُهُمْ يُخَضِّبُ بِالصُّفْرَةِ، مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَآخَرُونَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَخَضَّبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
وَبَعْضُهُمْ بِالزَّعْفَرَانِ. وَخَضَّبَ جَمَاعَةٌ بِالسَّوَادِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيٍّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَآخَرِينَ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ بِتَغْيِيرِ الشَّيْبِ، وَبِالنَّهْيِ عَنْهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا تَنَاقُضٌ بَلْ الْأَمْرُ بِالتَّغْيِيرِ لِمَنْ شَيْبُهُ كَشَيْبِ أَبِي قُحَافَةَ، وَالنَّهْيُ لِمَنْ لَهُ شَمْطٌ فَقَطْ قَالَ: وَاخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي فِعْلِ الْأَمْرَيْنِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
١٣٩ - (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ شَابَ إلَّا يَسِيرًا وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَّبَا
1 / 152