بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
حدثنا الشيخ القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد المازري البغدادي ﵁ قال:
حدثنا القاضي أبو بكر الفقيه المالكي محمد بن الحسن قال:
قال محمد بن الحسن التميمي الجوهري نسأل الله عصمته وتوفقيه فإنه لا توفيق إلا به- أما بعد:
فإن الإجماع من الأمة، والاتفاق من أهل القبلة حجة من حجج الله ﷿ على خلقه، ومنار يدل على حقه، يقوم مقام الكتاب والسنة وما أخذناهما عنهما في الجملة، فيجب إذا قام هذا المقام الذي ذكرنا، ولا رَدّوه مَنْ خَبَرْنَا، أن يكون وجود الإجماع في مسألة، والاتفاق / في نازلة يمنع الاعتداد بقول يخرج عنه، ويجب إسقاطه من حكم من أخذ عنه، إذ لو جاز الاعتداد بذكره، والحكم به على أهل عصره (وإلا به) والإجماع فقد تقدمه بالخلاف، والاتفاق ثابت بالائتلاف، لما ثبتت حجة الإجماع في مسألة إلا بعد انقراض الدنيا وذهاب أهل الفتيا، حتى لا يوجد مخالف يحدث، ولا يتوهم منازع يبحث، وفي ذلك سقوط حجة الإجماع، وبطلان وجوبه عند الانتزاع، وفي فضوح فساد ذلك من القول، ودحوض عليه في العقل، ثبوت
1 / 23
ما أصلناه ووجوب ما قدمناه، في (منع) ذوي الفتيا من الاعتداد بقول يخرج عن الإجماع المتقدم من أقوال العباد، وإن كان/ عن اجتهاد قاله، وبعد الفحص تقلده، لأن الاجتهاد إنما يجب على العلماء، وليلزم حُذَّاق الفقهاء إذا لم يكن في النازلة اتفاق على حكم ولا حقيقة من علم، وإذ قد ثبت مذهبنا فيها بعد إقامة الدليل على مرادنا منها فلنصف الآن من مسائل الفقه ما وصل إلينا وقدرنا عليه من الأقوال النادرة عن الإجماع على خلافها، ليكون مَن عَلِمَه على حقيقة من أمره وهداية في حكمه، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حَيَّ عن بينة، فأول ما أذكر من ذلك مسائل الطهارة على النحو الذي ذكرت من هذه الرسالة، ثم أتبعها بما يشاكلها من الفقه إلا كمال فنونه. وبالله توفيقي وعليه أتوكل.
1 / 24
«باب الطهارة» /
[١/ ١]- أجمع الفقهاء بجملتهم، والعلماء بكليتهم، أن موت الذباب في
1 / 25
الماء الطاهر لا ينجسه، إلّا محمد بن ادريس الشافعي فإنه قال في إحدى روايتين عنه: إن ذلك قد نجسه إذا كان الماء قليلًا.
[٢/ ٢]- وأجمعوا أن من احتجم فعليه غسل موضع خروج الدم عن الشرط وما جاوزه مما تلطخ بالدم، فإنه لا يجزئ مسحه منه، وإن مسحه
1 / 26
وصلى أمر بغسله وإعادة صلاته، إلا الليث بن سعد المصري، فإنه أجاز له مسحه وصلاته.
[٣/ ٣]- وأجمعوا أن النوم حال الاضطجاع يوجب الوضوء، إلّا الأوزاعي فإنه أمره به استحبابًا لا إيجابًا.
1 / 27
[٤/ ٤]- وأجمعوا أن من خرج من جرح بجسده دود ولا بلة لها لم تنتقض طهارته لذلك، إلّا الأوزاعي فإنه قال: _في إحدى الروايتين عنه_ إن ذلك ينقضها.
1 / 29
[٥/ ٥]- وأجمع / الصحابة أن أكثر مدة الإنفاس إذا لم ينقطع الدم أربعون يومًا، وإنما جاء الخلاف من بعدهم.
1 / 30
[٦/ ٦]- وأجمعوا أن وطء المستحاضة مباح غير محظور، إلا إبراهيم بن عُلَيَّة فإنه منع منه وحظره.
1 / 31
[٧/ ٧]- وأجمعوا أن من تيمم على بعض وجهه أو بعض يديه لم يجزه إن صلى به، إلا أن أبا حنيفة ﵁ فإنه قال: - في إحدى روايتين عنه_ يجزئه ذلك.
[٨/ ٨]- وأجمعوا أن المتيمم يبدأ بوجهه في تيممه (فيمسحه، ثم بيديه فيمسحهما، ولا يمسح في تيممه) على العضدين، إلا الزهري فإنه
1 / 33
قال: تيمم إلى الآباط من أسفل وإلى المناكب من فواق.
[٩/ ٩]- وأجمعوا أن من تيمم بغير نية أن يصلي به أن ذلك (لا) يجزئه، إلّا الحسن بن صالح فإنه قال: ذلك يجزئه أن يصلي به.
1 / 34
[١٠/ ١٠]- وأجمعوا أن من أخذ ترابًا من الأرض فجعله على لوح أو على ثوب فتيمم به للصلاة/ أنه يجزئه، إلّا الحسن بن زياد قال: لا يجزئه إلا إن تيمم على الأرض، ولا يجوز إن تيمم بتراب أخذ من الأرض وجعل على غيرها.
[١١/ ١١]- وأجمعوا سواه أن من تيمم على ثوب أجزأه إذا استثار غباره على اليد، إلا أبا حنيفة ﵁ فإنه قال: يجزئه وإن لم يستثر الغبار.
1 / 35
٢ - «باب الصلاة»
[١٢/ ١]- وأجمع الفقهاء (أن المأموم) يقول_ بعد قول الإمام عند القيام
1 / 36
من الركوع سمع الله لمن حمده_: ربنا ولك الحمد، أو: ربنا لك الحمد بلا واو، وأنه لا يقول كما قال الإمام: «سمع الله لمن حمده»، إلا الشافعي فإنه أمره أن يقول كذلك قبل قوله: «ربنا ولك الحمد».
[١٣/ ٢]- وأجمعوا أن الإمام إذا خطب للجمعة خطبة لا جلوس فيها أجزأته صلاة الجمعة على ذلك، إلا الشافعي ﵁/، فإنه قال: لا تجزئه صلاة الجمعة إلا أن يخطب فيها خطبتين فيها جلسة وإن قلَّت.
1 / 37
[١٤/ ٣]- وأجمعوا أن من أدرك ركعة من ركعتي صلاة الجمعة ولم يدرك الأولى، أنه لم يأت والإمام فيها، أو لأنه كان حاضرًا فمنعه من التكبير مع الإمام قبل فراغه من الركعة الأولى مانع، أنه يضيف إلى تلك الركعة (التي) أدرك مع الإمام أخرى ويجزئ من الجمعة، إلا عطاء بن أبي رباح فإنه قال: لا تجزئ أحدًا أدرك مع الإمام بعد فراغه من الخطبة صلاته من الجمعة ولكن يصلي وحده ظهرًا أربعًا.
[١٥/ ٤]- وأجمعوا أن من خاف على عسكر من العدو أن يصلي صلاة
1 / 38
الخوف، وإن اختلفوا في كيفية صلاته ذلك، إلّا أن أبا يوسف ﵁/، فإنه قال في إحدى روايتين عنه: لا يجوز لأحد أن يصلي صلاة الخوف بعد رسول الله ﷺ.
[١٦/ ٥]- وأجمعوا أن من صلى ركعتي الفجر، ثم دخل مسجدًا ليصلي مع أهله، لا يركع قبل أن يجلس، إلا مالكًا فإنه أباحه ذلك.
[١٧/ ٦]- وأجمعوا أن من سها في صلاته فسلم (بعد) اثنتين في الصلاة ثلاث ركعات أو أربع أنه يجزئ بعد فراغه من الصلاة ساجدًا لسهوه،
1 / 39
ويجزئه من ذلك سجدتان، إلا الشافعي ﵁، فإنه قال: لا سجود عليه لشيء من الذكر على حال، وإنما يجوز السجود في الفعل خاصة.
[١٨/ ٧]- وأجمعوا أن من فاته تكبيرة أو أكثر منها من تكبير الصلاة على الجنازة فقضاها بعد فراغ الإمام من صلاته قبل رفع الجنازة أن ذلك يجزئه،/ إلا الأوزاعي وربيعة بن (أبي) عبد الرحمن قالا: يسلم ولا يأت به.
1 / 40
[١٩/ ٨]- وأجمعوا أنه لا يقال في الأذان لصلاة العشاء الآخرة «الصلاة خير من النوم»، إلّا الحسن بن صالح فإنه أمر بذلك.
[٢٠/ ٩]- وأجمعوا أنه لا سهو على المأموم فيما سها به خلف الإمام، إلّا الليث فإنه أمره بسجدتي السهو لذلك.
1 / 41
[٢١/ ١٠]- وأجمعوا أنه من ذكر صلاة حضر في سفر صلاها صلاة حضر، إلا عبيد الله بن الحسن العنبري، فإنه قال: يأتي بها صلاة سفر.
[٢٢/ ١١]- وأجمعوا أن المصلي إن ترك الصلاة على محمد ﷺ في صلاته، ناسيا أو عامدًا، أنه في النسيان معذور، وفي العمد مذموم، والصلاة تجزئ عنه فيهما جميعًا، إلا الشافعي ﵁ فإنه قال: / إذا ترك
1 / 42
الصلاة على النبي ﷺ في صلاته، أو صلى عليه قبل التشهد الآخر منها لم يجزه.
[٢٣/ ١٢]- وأجمعوا أنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من الركعة الأولى أو الثالثة من صلاة هي أربع ركعات من صلاة هي أربع ركعات، نهض قائمًا ولم يجلس إلّا الشافعي ﵁، فإنه استحب كجلوسه في التشهد ثم ينهض إلى القيام.
1 / 43
٣ - «باب الزكاة»
[٢٤/ ١]- وأجمع الفقهاء أن ما زاد على الثلاث المائة من الغنم وإن كثر إذا قصر عن تمام مائة رابعة فلا شيء فيه غير الثلاث الشياه الواجبة للثلاث المائة حتى يتمم أربعمائة، فإذا تمت كان فيها أربع شياه، وكذلك فيما هو أكثر من ذلك، لا يجب زيادة شاة في الصدقة إلا بزيادة/ مائة على العدة، إلّا الحسن بن صالح بن حي الكوفي ﵁، فإنه (قال): إذا زادت الغنم على ثلاثمائة شاة كان فيها أربع شياه، وكذلك فيما هو أكثر (من) ذلك، كلما زادت على مائة شاة واحدة زد في الزكاة شاة أخرى والله أعلم.
1 / 45