254

Nataij Fikr Fi Nahw

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

بيروت

وإذا ثبت هذا ففعلت وما كان نحوها من الأحداث العامة الشائعة لا تؤكد بمصدر، لأنها في الأفعال بمنزلة شي وجسم في الأسماء، لا يؤكد لأنه لم تثبت حقيقته عند المخاطب أحوج إلى ذكر المفعول المطلق الذي تقع به الفائدة منه إلى توكيد فعلت، فلو قلت له: فعلت فعلت، وأكدته بغاية ما يمكن التوكيد، ما كان الكلام إلا غير مفيد وكذلك لو قلت: فعلت فعلًا، على التوكيد، لأن المصدر الذي كنت تؤكد به - لو أكدت - قياسه أن يكون مفتوح الفاء، لأنه ثلاثي، والمصدر الثلاثي قياسه أن يكون على هذا الوزن مفتوح الفاء، كما أن فعله مفتوح الفاء. فإذا ثبت هذا فلا يقع بعد فعلت إلا مفعول مطلق، إما من لفظها فيكون عاما نحو: فعلت فعلًا حسنًا، ومن ثم جاء مكسور الفاء لأنه كالطحن والذبح، أي: إنه ليس بمصدر اشتق منه الفعل، بل هومشتق من فعلت. وإما أن يكون خاصا نحو: فعلت ضربًا، فضربا أيضًا مفعول مطلق من غير لفظ فعل فصار فعلت فعلًا كطحنت طحنًا وفعلت ضربا كطحنت دقيقًا. فإن قيل: ألم يجيزوا في ضربت ضربا وقتلت قتلًا أن يكون مفعولًا مطلقا. فلم يكن مكسور الأول إذا كان مفعولًا مطلقا، ومفتوحًا إذا كان مصدرًا مؤكدًا؟ قلنا: حدث حديثين امرأة!، ألم يقدم في أول الفصل أنه لا يعمل في ضربًا إذا كان مفعولًا مطلقا إلا معنى فعلت، لا لفظ، ضربت، فلو عمل فيه لفظ ضربت لقلت: ضربت ضربا، مكسور الأول، مثل: طحنت طحنًا، ولكن هذا محال، لأن الضرب لا يضرب، ولكن إذا اشتققت له اسمًا من فعلت الئي هي عاملة فيه على الحقيقة فقلت: هو فعل. وإن اشتققت له اسمًا من ضربت التي لا يعمل لفظها فيه، لم يجز أن تجعله كالطحن والذبح، لأن الاسم القابل لصورة الفعل إنما يشتق لفظه من لفظ ما عمل فيه، فثبت من هذا كله أن فعلت وعملت استغني بمفعولها المطلق عن مصدرها، لأنها لا تتعدى إلا إلى حدث، وذلك الحدث مشتق له اسم من لفظها، فيجتمع اللفظ والمعنى ويكون أفيد عند المخاطب من المصدر الذي اشتق منه الفعل، ولذلك لم يقولوا: صنعت صنعًا بفتح الصاد، ولا: عملت عملًا، بسكون الميم، مثل:

1 / 277