Al-nāsikh waʾl-mansūkh
الناسخ والمنسوخ
Editor
د. محمد عبد السلام محمد
Publisher
مكتبة الفلاح
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٨
Publisher Location
الكويت
كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ نَسْمَعُ لِصَوْتِهِ دَوِيًّا وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ» قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا الْخَمْسُ وَلَا مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا الزَّكَاةُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْآيَةِ فَرْضٌ سِوَى الزَّكَاةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتِ الزَّكَاةُ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ ⦗٤٢٩⦘ نَدْبًا لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً فَأَمَّا ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأنعام: ١٤١] فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مَعْنَى: " ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأنعام: ١٤١] لَا تَمْنَعُوا مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ" وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: " كَانُوا إِذَا حَصَدُوا أَعْطَوْا ثُمَّ تَبَارَوْا فِي ذَلِكَ حَتَّى أَجْحَفُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأنعام: ١٤١] " وَقَالَ السُّدِّيُّ: «لَا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتَقْعُدُوا ⦗٤٣٠⦘ فُقَرَاءَ» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: " نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ جَدَّ نَخْلًا لَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ أَلَا أَعْطَاهُ فَأَمْسَى لَيْسَتْ لَهُ تَمْرَةٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: ١٤١] " وَقَالَ ابْنُ زَيْدِ وَلَا تُسْرِفُوا لِلْوُلَاةِ أَيْ وَلَا تَأْخُذُوا مَا لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا غَيْرُ مُتَنَاقِضَةٍ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ فِي اللُّغَةِ فِعْلُ مَا لَا يَنْبَغِي فَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ فَوَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ وَمَعْنَى ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: ١٤١] لَا يُثِيبُهُمْ وَلَا يَقْبَلُ أَعْمَالَهُمْ مَجَازًا، وَتَقْدِيرُ ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ﴾ [الأنعام: ١٤١] وَشَجَرُ الزَّيْتُونِ وَالرُّمَّانِ مِثْلُ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ قَالَ قَتَادَةُ «مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ يَتَشَابَهُ وَرَقُهُ وَيَخْتَلِفُ ثَمَرُهُ» وَقَالَ غَيْرُهُ: يَتَشَابَهُ لَوْنُهُ وَيَخْتَلِفُ طَعْمُهُ وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ﴾ [الأنعام: ٩٩] وَهِيَ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَتْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ فَثُمُرٌ جَمْعُ ثِمَارٍ وَثِمَارٌ جَمْعُ ثَمَرَةٍ ⦗٤٣١⦘ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَصْلُ الْإِسْرَافِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِخْطَاءُ فِي إِصَابَةِ غَيْرِ الْحَقِّ إِمَّا بِزِيَادَةٍ وَإِمَّا بِنُقْصَانٍ مِنَ الْحَدِّ الْوَاجِبِ، وَأَنْشَدَ
[البحر البسيط]
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ ... مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
أَيْ خَطَأٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ الْخَامِسَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
1 / 428