237

Al-nāsikh waʾl-mansūkh

الناسخ والمنسوخ

Editor

د. محمد عبد السلام محمد

Publisher

مكتبة الفلاح

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٨

Publisher Location

الكويت

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦] " فَهَذَا لِمَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ الْمُسْلِمُونَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ عِدْلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: ١٠٦] فَهَذَا لِمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنِ ارْتِيبَ بِشَهَادَتِهِمَا اسْتُحْلِفَا بَعْدَ الصَّلَاةِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَمْ نَشْتَرِ بِشَهَادَتِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا، فَإِنِ اطَّلَعَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرِينَ كَذَّبَا حَلِفًا بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِينَ بَاطِلَةٌ وَأَنَّا لَمْ نَعْتَدَّ فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾ [المائدة: ١٠٧] يَقُولُ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُمَا كَذِبَا قَامَ الْأَوْلَيَانِ فَحَلَفَا أَنَّهُمَا كَذِبَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ذَلِكَ أَدْنَى﴾ [المائدة: ١٠٨] أَنْ يَأْتِيَ الْكَافِرَانِ ﴿بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [المائدة: ١٠٨] فَتُتْرَكُ شَهَادَةُ الْكَافِرِينَ وَيُحْكَمُ بِشَهَادَةِ الْأَوْلِيَاءِ ⦗٤٠٥⦘ وَلَيْسَ عَلَى شُهُودِ الْمُسْلِمِينَ إِقْسَامٌ إِنَّمَا الْإِقْسَامُ إِذَا كَانَا كَافِرَيْنِ " فَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَشْرُوحًا مُبَيَّنًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ شَرْحٍ، وَقَالَ بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ شُرَيْحٌ قَالَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ إِذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعُبَيْدَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَقَالَ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ لِكَثْرَةِ مَنْ قَالَ بِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ وَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كَافِرٍ بِحَالٍ كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُ شَهَادَةُ ⦗٤٠٦⦘ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِأَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ الْآيَةَ كُلَّهَا فِي الْمُسْلِمِينَ لَا مَنْسُوخَ فِيهَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ

1 / 404