10
ما هذا الذي أفعله؟ هل أدرك أي خطأ أقترف؟ أي خطر ينتظرني؟ أي عالم مبهم أقحمت نفسي فيه؟ أين قواعدي وقوانيني الصارمة؟ أين حذري ومخاوفي؟ أين عهودي ومواثيقي؟ كيف سأواجه والدي؟ ما هذا الذي أفعله؟ لقد مضت خمسة أشهر منذ أول يوم بدأت فيه الحديث مع شادي على «الفيسبوك»، ما الذي أعرفه عنه؟ رأيته مرة واحدة منذ عام تقريبا، شاهدت لوحاته، قرأت منشوراته، ثم ماذا؟ كلما عاهدت نفسي أن أحظره، وجدتني أؤجل ذلك إلى اليوم التالي، وكلما انقطع التيار الكهربائي، وفرغ شحن جهازي الكمبيوتر أدخل في حالة من الشوق العجيب إلى تصفح «الفيسبوك»، وكلما فتحت «الفيسبوك» سارعت إلى النظر في قائمة الأسماء لأرى إن كان متصلا أم لا، ويا لفرحة الروح إن وجدت اسمه مضاء بالأخضر! لماذا حكيت له قصة جدو نور ورندة؟ ماذا يشكل لي؟ حتى أشاركه مسئولية علقتها على عاتقي، وعهدا قطعته على نفسي؟ وفوق كل هذا ما الذي فعلته اليوم تحديدا؟ كيف أورط نفسي بموعد؟ يا للكارثة!
استلقيت على سريري ونظرت إلى الثريا المعلقة فوقي، وسألت ذاتي مجددا: ما هذا الذي تفعلين؟ لكن ذاتي لا تجيب، تكتفي بالنظر والابتسام! بالله عليك، أنا في حيرة شديدة وفزع كبير، أشعر برهبة كرهبة امتحان «البكالوريا»، وأنت تبتسمين؟ هل تعرفين أي ورطة تتورطين؟ لكنها لا تكف عن الابتسام! هل تسخرين مني أو تؤازريني أو تعبثين؟
تقلبت على جنبي فلا فائدة من الحديث مع ذاتي، قررت أن أنام، عل النوم يمنحني حلما يرشدني بما علي أن أفعله غدا، هل سألتقي به حقا غدا؟ كلمات على الشاشة شكلت عالمي الوردي الحالم، أريده أن يبقى هكذا، عالما حالما جميلا. لكن لقائي به غدا سينقلنا إلى عتبة الواقع الحقيقي، وهذا ما أخشاه؛ فأنا أحب الكلمات، لعل هذا سبب تعلقي بشادي، هل تعلقت به؟ ماذا تراه يفعل الآن؟
الساعة الواحدة وخمس وثلاثون دقيقة فجرا، النوم لا يمن علي بجناحيه الحانيين، قمت إلى جهازي الكمبيوتر أتفقد بطاريته، لا بأس، فيها 30٪، الإنترنت موجود أيضا، لم لا أفتح «الفيسبوك»؟ كانت ذاتي ترفع حاجبيها مبتسمة، لم أنتظر أي اعتراض منها، فتحته على الفور، 13 صديقا متصلا الآن! هل يكون من بينهم؟ ظهر لي منشور جديد له كتب فيه:
حين تتخذ الحياة ألوانا قاتمة، راهن القدر وابتدئ تلوين لوحتك الخاصة.
وكتب منشورا أيضا:
إياك و«كسل الخطوط الخاملة»، ابحث دوما عن منحنيات الجمال في خطوطك المفعمة بالحيوية.
ابتسمت، وداخ رأسي بالغرور، إنه يستعير كلماتي! ضغطت زر الإعجاب، وحين هممت أن أكتب له تعليقا، انبثقت من أسفل الشاشة نافذة الحوار: أنت مستيقظة؟ - تقريبا. - يعني نعم أو لا؟ - سأنام بعد قليل، أشعر بنعاس شديد. - نامي الآن إذن! - حسنا، إلى اللقاء. - تعالي، تعالي، أنا أمازحك فقط. - ... - زعلت؟ - لا. - كيف حالك؟ «نحن» بخير بالمناسبة. -
ههههه، وأنا كذلك، الحمد لله. - تعرفين يا سماء، أنت مثل القهوة، تضيفين نكهة رائعة إلى الحياة. - لكني لا أحب القهوة. - القهوة لا تدرك قيمة ذاتها وما تفعله في القلوب. - لا أعرف ماذا علي أن أقول! - لا شيء على الإطلاق، غدا تقولين لي. - إلى اللقاء. - مع السلامة.
Unknown page