Al-Nashr fī al-qirāʾāt al-ʿashr
النشر في القراءات العشر
Editor
علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)
Publisher
المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]
فَإِنَّ الْإِدْغَامَ الصَّحِيحَ مَعَهُ يَعْسُرُ؛ لِكَوْنِهِ جَمِيعًا بَيْنَ سَاكِنَيْنَ أَوَّلُهُمَا لَيْسَ بِحَرْفِ عِلَّةٍ، فَكَانَ الْآخِذُونَ فِيهِ بِالْإِدْغَامِ الصَّحِيحِ قَلِيلِينَ، بَلْ أَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى الْإِخْفَاءِ، وَهُوَ الرَّوْمُ الْمُتَقَدِّمُ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاخْتِلَاسِ، وَحَمَلُوا مَا وَقَعَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالْإِدْغَامِ عَلَى الْمَجَازِ، وَذَلِكَ نَحْوُ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَالرُّعْبَ بِمَا، وَالْعِلْمِ مَا لَكَ، وَالْمَهْدِ صَبِيًّا، وَمِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ، وَالْعَفْوَ وَأْمُرْ، وَزَادَتْهُ هَذِهِ (قُلْتُ) وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ صَحِيحٌ مَأْخُوذٌ بِهِ، وَالْإِدْغَامُ الصَّحِيحُ هُوَ الثَّابِتُ عِنْدَ قُدَمَاءِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَالنُّصُوصُ مُجْتَمِعَةٌ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي تَتِمَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ (نِعِمَّا) إِذِ السُّكُونُ فِيهَا كَالسُّكُونِ فِيهِنَّ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ هَذَا النَّوْعَ مِنْهُ بِالْإِظْهَارِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الرَّوْمَ فَقَدْ أَبْعَدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) كُلُّ مَنْ أَدْغَمَ الرَّاءَ فِي مِثْلِهَا، أَوْ فِي اللَّامِ أَبْقَى إِمَالَةَ الْأَلِفِ قَبْلَهَا نَحْوُ وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا، وَالنَّهَارِ الْآيَاتِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْإِدْغَامَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ. وَرَوَى ابْنُ حَبَشٍ عَنِ السُّوسِيِّ فَتْحَ ذَلِكَ حَالَةَ الْإِدْغَامِ اعْتِدَادًا بِالْعَارِضِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ بِحَقِّهِ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ.
(الثَّالِثُ) أَجْمَعَ رُوَاةُ الْإِدْغَامِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَلَى إِدْغَامِ الْقَافِ فِي الْكَافِ إِدْغَامًا كَامِلًا يُذْهِبُ مَعَهُ صِفَةَ الِاسْتِعْلَاءِ وَلَفْظَهَا، لَيْسَ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَبِهِ وَرَدَ الْأَدَاءُ وَصَحَّ النَّقْلُ، وَبِهِ قَرَأْنَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا خَالَفَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَالَفَ مَنْ خَالَفَ فِي أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَرَوْا إِدْغَامَ أَبِي عَمْرٍو، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى إِدْغَامِ النُّونِ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ إِدْغَامًا خَالِصًا كَامِلًا مِنْ غَيْرِ غُنَّةِ مَنْ رَوَى الْغُنَّةَ عَنْهُ فِي النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَ اللَّامِ وَالرَّاءِ وَمَنْ لَمْ يَرْوِهَا، كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ رَوَى الْغُنَّةَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(فَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ
1 / 299