Naṣb al-rāya li-aḥādīth al-hidāya
نصب الراية لأحاديث الهداية
Editor
محمد عوامة
Publisher
مؤسسة الريان للطباعة والنشر ودار القبلة للثقافة الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت وجدة
Genres
Ḥadīth Studies
أَنَّ غُلَامًا وَقَعَ فِي زَمْزَمَ، فَنُزِحَتْ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ١، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ٢ وَاعْتَمَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي تَضْعِيفِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَثَرٍ رَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْفَقِيهِ عَنْ عَبْدِ بْنِ شَرْوَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أن بِمَكَّةَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ أَرَ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا يَعْرِفُ حَدِيثَ الزِّنْجِيِّ الَّذِي قَالُوا: إنَّهُ وَقَعَ فِي زَمْزَمَ، وَلَا سَمِعْت أَحَدًا يَقُولُ: نُزِحَتْ زَمْزَمُ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَيْفَ يَرْوِي٣ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" ٤، وَيَتْرُكُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلِنَجَاسَةٍ ظَهَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَنَزْحُهَا لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنَّ زَمْزَمَ لِلشُّرْبِ، انْتَهَى. وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: بِأَنَّ عدم علمها لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا، ثُمَّ إنَّهُمَا لَمْ يُدْرِكَا ذَلِكَ الْوَقْتَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ إخْبَارُ مَنْ أَدْرَكَ الْوَاقِعَةَ وَأَثْبَتَهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمَا، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ أَيْضًا: كَيْفَ يَصِلُ٥ هَذَا الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ مَكَّةَ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كَبِيرُ أَهْلِ مَكَّةَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَحْمَدَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِالْأَخْبَارِ الصِّحَاحِ منَّا، فإذا كان الخبر صَحِيحٌ فَأَعْلِمُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَيْهِ كُوفِيًّا كَانَ أَوْ بَصْرِيًّا أَوْ شَامِيًّا، فَهَلَّا قَالَ: كَيْفَ يَصِلُ هَذَا إلَى أُولَئِكَ، وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ؟
١ ص ١٠، والطحاوي: ص ١٠.
٢ وثقه سفيان. وشعبة، قال ابن عدي: حسن الحديث، راجع له الجوهر ص ٢٦٦ - ج ١.
٣ هذا استبعاد بعد وضوح الطرق، ويبعد عن مثل هذا الإمام أن يقول به، كيف، وحديث الماء لا ينجسه شيء إن بلغه بطريق لا يقوم به الحجة عليه، كان لا سوغ له أن يحكم على ابن عباس أنه رواه وسمعه من النبي ﷺ، وإن بلغه بطريق يقوم به الحجة عليه، فإذن لا فرق بينه وبين ابن عباس في وجوب العمل، ثم الشافعي يحكم بنجاسة كثير من المياه، فحديث لم يمنع الشافعي أن يحكم بنجاسة الماء إذا وقعت فيه نجاسة، كيف يمنع ابن عباس عن مثله؟ والعجب أن حديث الماء من الماء رواه أبيّ ﵀، ثم أفتى بخلافه، فاستدل الشافعي بفتواه على نسخ الحديث، حيث قال: ثم لا أحسبه تركه ابن عباس أيضًا، مع أن عموم حديث الماء لا ينجسه شيء منسوخ عند الشافعي أيضًا.
٤ حديث ابن عباس هذا أخرجه الحاكم في المستدرك ص ١٥٩ - ج ١.
٥ هذا أيضًا استبعاد أمر ثابت بالدليل، بلا دليل، ثم نقول: لا عزو فيه، وأمثاله كثيرة، كما أن خبر - جهر التأمين، ووضع اليدين على الصدر - اللذين يعم بهما مرارًا في يوم وليلة بمرأى من الناس ومشهد وصل إلى أهل مكة من طريق سفيان، وهو من أهل الكوفة، وجهله أهل الكوفة. وأهل المدينة، ومالك كبيرهم، وأحاديث - فتح مكة عنوة - وقتاله ﵇، ثم أمانه إلا نفرًا - وخطبته رخصة القتال له خاصة في ساعة من النهار وصلت إلى البلاد، وخفيت على بعض أهل مكة. وهو كبيرهم، وأمثال هذا كثيرة.
فَصْلٌ فِي الْأَسْآرِ وَغَيْرِهَا
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا".
قُلْتُ: رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ
1 / 130