Marwiyyāt Ghazwat Ḥunayn wa-ḥiṣār al-Ṭāʾif
مرويات غزوة حنين وحصار الطائف
Publisher
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وفي صحيح مسلم - يعني حديث البراء - قال: "إن الشجاع منا للذي يحاذي به، وأنهم كانوا يتقون به". ا؟١.
وقال القسطلاني: "وقد ركب ﵊ البغلة في هذا المحل الذي هو موضع الحرب والطعن والضرب تحقيقا لنبوته لما كان الله تعالى خصه به من مزيد الشجاعة وتمام القوة، وإلا فالبغال عادة من مراكب الطمأنينة ولا تصلح لمواطن الحرب في العادة إلا الخيل، فبين ﵊ أن الحرب عنده كالسلم قوة قلب وشجاعة نفس وثقة وتوكلا على الله تعالى". ا؟٢.
ومما سبق من الروايات التي ذكرناها يتجلى لنا عاملان هامان من عوامل النصر وهما الثبات في المعركة حين لقاء العدو وذكر الله ﷿ بحضور قلب وإلحاح في الدعاء، وقد ذكر الله في هذين العاملين في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ٣.
ولا ينتصر المسلمون على عدوهم إلا إذا حققوا في أنفسهم التحلي بهذين العاملين وغيرهما من عوامل النصر التي ذكرها الله مادية ومعنوية.
ب- رجوع المسلمين إلى المعركة:
لقد عاد المسلمون إلى المعركة مسرعين حين رأوا ثبات نبيهم ﷺ وحين سمعوا النداء بالرجوع كما تبينه الرواية الآتية:
٨٠- فعند مسلم وغيره من حديث كثير بن العباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال: شهدت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، فلزمت أنا وسفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله ﷺ فلم نفارقه، ورسول الله ﷺ على بغلة له بيضاء أهداها له فروة٤ بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار، ولى المسلمون
(النووي: شرح صحيح مسلم ٤/٤٠١- ٤٠٢) .
(المواهب اللدنية ١/١٦٣ وانظر ابن كثير: التفسير ٢/٣٤٥) .
٣ سةرة الأنفال: الآية ٤٥.
٤ فروة بن نفاثة - بنون مضمومة ثم فاء ثم ثاء مثله - اختلف في اسم أبيه، فقيل: فروة بن نفاثة، وقيل: ابن نباتة، وقيل: ابن عامر، أو ابن عمرو، قال ابن حجر: "وهو أشهر، أسلم في عهد النبي ﷺ وبعث إليه بإسلامه، ولم ينقل انه اجتمع به، وسمي أبو عمر: جده النافرة" قال ابن إسحاق: "وبعث فروة ابن عمرو ابن النافرة النفاثي الجذامي إلى رسول الله ﷺ رسولا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء وكان فروة عاملا للروم على من يليهم من العرب وكان منزله معان وما حوله من أرض الشام، فبلغ الروم إسلامه فطلبوه فحبسوه ثم قتلوه فقال في ذلك أبياتا منها قوله:
أبلغ سراة المسلمين بأنني
سلم لربي أعظمي وبناني"
وأخرج ابن شاهين وابن مندة قصته من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس بسند ضعيف إلى الزهري. (الإصابة ٣/٢١٣، وسيرة ابن هشام ٢/٥٩١) .
وقال النووي: "فروة بن نفاثة وفي الرواية التي بعدها رواية إسحاق بن إبراهيم قال: (فروة بن نعامة) بالعين والميم، والصحيح المعروف الأول (نفاثة) . قال القاضي عياض: واختلفوا في إسلامه فقال الطبري: أسلم وعمّر عمرا طويلا، وقال غيرهم: لم يسلم، وفي صحيح البخاري أن الذي أهدى له بغلة هو ملك أيلة، واسم ملك أيلة فيما ذكره ابن إسحاق (يحنة بن رؤبة) ". (شرح صحيح مسلم ٤/٤٠١، وأبو عوانة: المسند ٤/٤٠٣. وابن عبد البر الاستيعاب ٣/١٩٩ مع الإصابة. وابن الأثير: أسد الغابة ٤/٣٥٦- ٣٥٧. وابن هشام: السيرة النبوية ٢/٥٢٥ و٥٩١. وابن سعد: الطبقات الكبرى ١/٢٦٢- ٢٨١) .
1 / 196