Naqd Kitab Islam Wa Usul Hukm
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Genres
وما مثل الأمم في أعمالها وقوة إرادتها إلا مثل السهم يخترق الهواء، ويرسم خطا يمتد على قدر قوة الوتر الذي يدفعه، ومتانة القوس التي ينفذ منها.
فالأفراد الذين جلسوا على عرش الخلافة بقوة مسلحة وعاثوا فيه فسادا لم يلاقوا من الأمة قوة إرادة، ولم تكن للأمة قوة إرادة لأن شعورها بحقوقها لم يكن عاما، ولا يكون الشعور بالحق عاما لتقلص نور التربية والتعليم، أو لاختلاف طرقهما اختلافا يجعل الأذواق وطرق التفكير تتفاوت تفاوتا بعيدا. •••
قال المؤلف في ص25: «وما كان لأمير المؤمنين محمد الخامس سلطان تركيا أن يسكن اليوم يلدز لولا تلك الجيوش التي تحرس قصره.»
وكتب معلقا على هذا في أسفل الصحيفة ما نصه: «كتبنا ذلك يوم كانت الخلافة في تركيا وكان الخليفة محمد الخامس.»
لعل المؤلف كتب هذا الباب الثالث الذي هو في الخلافة من الوجهة الاجتماعية قبل أن يؤلف الباب الأول الذي هو في تعريف الخلافة، والباب الثاني الذي هو في حكم الخلافة، فإنه ذكر في ص11 من الباب الأول رسالة الخلافة، التي نشرتها حكومة المجلس الكبير الوطني بأنقرة، وهي بالطبيعة متأخرة عن وفاة محمد الخامس، ونقل في ص16 عن كتاب الخلافة أو الإمامة للأستاذ السيد محمد رشيد رضا. وهذا الكتاب أيضا لم يظهر، بل لم يؤلف إلا بعد حركة أنقرة التي ابتدأت بعد وفاة محمد الخامس. وأعجب من هذا أن المؤلف ذكر في أول سطر من هذه الصحيفة التي تحدث فيها عن محمد الخامس كتاب الخلافة أو الإمامة للسيد رشيد، فلعله أيضا ألف شطر الصحيفة الأسفل قبل أن يؤلف شطرها الأعلى!
33
أراد المؤلف أن يتحدث عن جهل المسلمين بمبادئ السياسة وأنواع الحكومات ويعلله بضغط الخلفاء والملوك، فأملى على قلمه معنى هو أن الخلافة والملك لا يرتكزان إلا على القوة القاهرة والسيوف المصلتة، واستمر يلوكه في جمل يركب بعضها بعضا، وعز عليه أن يفارقها حتى امتلأت بها خاصرتا كتابه، وأوشك القارئ أن لا يفهم منها إلا أن المؤلف يبرق ويرعد على القوة الحاكمة من حيث إنها ذات شوكة، وأعدت ما استطاعت من قوة الجند والسلاح!
قال ابن خلدون في مقدمته:
34 «إن المغالبة والممانعة إنما تكون بالعصبية.» وقال:
35 «إن الملك إنما يحصل بالتغلب، وإن التغلب إنما يكون بالعصبية.» وقال: «إن الدول العامة في أولها يصعب على النفوس الانقياد لها إلا بقوة قوية من الغلب ... فإذا استقرت الرياسة في أهل النصاب المخصوص بالملك في الدولة، وتوارثوه واحدا بعد آخر في أعقاب كثيرين ودول متعاقبة نسيت النفوس شأن الأولية.»
Unknown page