107

Naqd Kitab Islam Wa Usul Hukm

نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

Genres

فإذا رأينا جماعة يمسكون بأيديهم قانونا يحفظ الحقوق، ويوجد بينهم من ذوي الكفاية للقيام على تطبيق هذا القانون وتنفيذه عدد غير قليل، ويجبي إلى خزانتها العامة من الأموال ما يقوم بمرافق حياتها الاجتماعية، وتنهض لحمايتها أو حماية قانونها جنود تخوض مواقع الحروب بما استطاعت من قوة، صح لنا أن نقول: إن هذه الجماعة ذات حكومة، وربما كانت الحقوق فيها محفوظة، والأمن سائدا، وإن لم تكن بها إدارة بوليس، وكذلك كان حال جماعة المسلمين لعهد النبوة بحيث لو وضعت في تلك المناطق الإسلامية دوائر بوليس لم يصر الأمن فيها أمكن، ولا الحقوق أكثر صيانة. وإليك الحجة والبيان: كانت حالة الأمة لعهد النبوة بالغة من الاستقامة إلى حيث تجدها في غنى عن دائرة محافظة أو «بوليس».

وقد يقول الناشئ في مدينة يجوس الشرطي خلالها، ويسيطر على كل شارع من شوارعها: كيف يحفظ النظام في جماعة لا يقوم على رءوسها رجال يلبسون في الشتاء سوادا وفي الصيف بياضا؟! ويعد كلمتنا مثلا من أساطير الأولين، أو شهادة خطرت في موقف الدفاع عن أحكام سيد المرسلين. كلا، إن هي إلا حقيقة تسعدها الأدلة البينة والتاريخ من ورائها شهيد.

بقيت راية الإسلام مرفوعة على المدينة المنورة وما حولها نحو سبع سنين؛ إذ كان من المحتم على كل من يعتنق الإسلام من القبائل أن يهاجر إلى المدينة المنورة، ولا يقيم بين قوم لا يؤمنون، قال الله تعالى:

والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ، والحكمة من تلك الهجرة أن يتقوى بهم جانب الدين، وليخلصوا من البيئة المتعفنة، فإنها تذهب بالغيرة على الحق، وتلبس الوجوه رقعة الصفاقة، وربما سرى وباؤها إلى النفوس الضعيفة فزلزل عقائدها وأطفأ نور إيمانها.

وفي السنة الثامنة من الهجرة فتحت مكة المكرمة، وأصبح الناس يدخلون في دين الله أفواجا وقبائل، فقال النبي

صلى الله عليه وسلم

عندئذ: «لا هجرة بعد الفتح.» وولى على جميع البلاد والقبائل أمراء، وبث فيهم معلمين للقرآن وأحكام الشريعة ، وتوفي في السنة العاشرة من الهجرة بعد أن فتحت مكة وتجاوز حكم الإسلام المدينة المنورة إلى مكة والطائف واليمن وما داناها من البلاد.

إذن ننظر إلى حال المدينة المنورة مدة عشر سنين وإلى حال غيرها من البلاد المدة التي أصبحت تحت حكم الإسلام لعهد النبوة وهي السنتان.

هاجر النبي

صلى الله عليه وسلم

Unknown page