276

Naqḍ al-Imām Abī Saʿīd ʿUthmān b. Saʿīd

نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد

Editor

رشيد بن حسن الألمعي

Publisher

مكتبة الرشد

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418هـ - 1998م

Publisher Location

السعودية

فيقال لهذا المعارض المدعي ما لا علم له من أنبأك أن رأس الجبل ليس بأقرب إلى الله تعالى من أسفله لأنه من آمن بأن الله فوق عرشه فوق سماواته علم يقينا أن رأس الجبل أقرب إلى الله من أسفله وأن السماء السابعة أقرب إلى عرش الله تعالى من السادسة والسادسة أقرب إليه من الخامسة ثم كذلك إلى الأرض كذلك روى إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن ابن المبارك أنه قال رأس المنارة أقرب إلى الله من أسفله وصدق ابن المبارك لأن كل ما كان إلى السماء أقرب كان إلى الله أقرب وقرب الله إلى جميع خلقه أقصاهم وأدناهم واحد لا يبعد عنه شيء من خلقه وبعض الخلق أقرب من بعض على نحو ما فسرنا من أمر السموات والأرض وكذلك قرب الملائكة من الله فحملة العرش أقرب إليه من جميع الملائكة الذين في السموات والعرش أقرب إليه من السماء السابعة وقرب الله إلى جميع ذلك واحد هذا معقول مفهوم إلا عند من لا يؤمن أن فوق العرش إلها ولذلك سمى الملائكة المقربين وقال

﴿إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون

فلو كان الله في الأرض كما ادعت الجهمية ما كان لقوله

﴿الذين عند ربك

معنى إذ كل الخلق عنده ومعه في الأرض بمنزلة واحدة مؤمنهم وكافرهم ومطيعهم وعاصيهم وأكثر أهل الأرض من لا يسبح بحمده ولا يسجد له ولو كان في كل مكان ومع كل أحد لم يكن لهذه الآية معنى لأن أكثر من في الأرض لا يؤمن به ولا يسجد له ويستكبر عن عبادته فأي منقبة إذا فيه للملائكة إذ كل الخلق عند الجهمية في معناهم في تفسير هذه الآية

ثم فسر المعارض هذا المذهب تفسيرا أشنع من هذا دفعا بأن يقال إن الله في السماء فقال يحتمل التأويل أن يكون في السماء على أنه مدبرها ومتقنها كما يقال للرجل هو في صلاته وعمله وتدبير معيشته وليس هو في نفسها وفي جوفها وفي نفس المعيشة بالحقيقة ولكن بالمجاز على دعواه

فيقال لهذا المعارض قد قلنا لك إنك تهذي ولا تدري تتكلم بالشيء ثم تنقضه على نفسك أليس قد زعمت أن الله تعالى في السماء وفي الأرض وفي كل مكان بنفسه فكيف تدعي هاهنا أنه ليس في السموات منه إلا تدبيره وإتقانه كتدبير الرجل في معيشته وليس بداخل فيها

Page 506