قوله: (خلافا للكسائي) يعني، فإنه يحذف الفاعل هربا من الإضمار قبل الذكر، والفرق بين الحذف والإضمار يظهر في التثنية، والجمع والتأنيث، تقول على الحذف: (ضربني وأكرمني الزيدان)، (ضربني وأكرمني الزيدون)، (ضربتني وأكرمتني هند)، (ضربتني وأكرمتني الهندان)، (ضربنني وأكرمنني الهندات) والذي هرب إليه أشنع مما فر منه، لأن الذي فر منه وقد جاء بعده ما يفسره(1).
قوله: (وجاز خلافا للفراء) أي جاز إضمار الفاعل في الأول خلافا للفراء(2)، فلم يجر الإضمار قبل الذكر كما [و24] فعل البصريون(3) لعوده إلى غير مذكور، ولا الحذف كما فعل الكسائي، لأنه حذف الفاعل لا يجوز، بل أوجب، إما إعمال الأول والإضمار في الثاني، والإظهار في الفاعل الأول يخرجه عن باب التنازع، وتقول (ضربني زيد)، (وضربت زيدا) هذه حكاية المصنف، وحكى السيد شرف الدين أبوقاسم بن محمد نجم الدين(4) أن الفراء يجيز الإضمار بأن يؤخر ضمير الفاعل الأول مفصولا بعد الظاهر، فتقول (ضربني وضربت زيدا) وهو(5)، وهما، وهم، وهي، وهن، في التثنية، والجمع، والمؤنث، وحكى ابن مالك ذلك عنه في المختلفين فاعلية ومفعولية، دون المتفقين، وهما اللذان يقتضيان فاعلا، فإنه يجيز فيهما أن يرفع الظاهر بعدهما جميعا، ويجيز معمولا بين عاملين، وقد أبطلت أقواله الثلاثة ؛ الأول: بما ورد من نحو قوله:
[88] وكمتا مدماة كأن متونها
Page 176