============================================================
لما قلتم : إن افعال العباد كلها مخلوقة، فلو كان ذلك، كما قلتم ، لما جاز أن يقول : لايسأل عما يفعل وهم يسالون 6)، فعم يسالون إذا كان الفعل كله فعله، والزنا والخنا والفواحش والردى والكفر والشرك، وجيع المعاصى كلها، التى ذكرت، أنهم نالوها بمنة الله وبفضله، ولولا منته وفضله، زعمت، ما كفروا ولا اشركوا؟11 وبالله العظيم لو قال هذا القول الزنادقة على شركهم، لكان عظيا، لكيف من زعم أنه ل التوحيد !
والجوارح والحواس هى فعل الله عز وجل، ومنتة، والمعاصى فهى فعل العاصين واختيارهم، وليس يلزمه، عز وجل، فعلهم؛ لأنه، عز وجل، قد أمرهم ان يستعملوا تلك المنة التى وهب لهم، فى الطاعة لا فى المعصية، وجمل لهم السبيل إلى ذلك وأقدرهم عليه، ولم يحل بينهم وبين الرشد، بأمر من جيع الأمور كلها، وبين لهم وحذر، واعذر وأنذر، فاختاروا لانفهم ما أرادوا من طاعة او معصية، واستعانوا بتلك المنة التى امتن بها من الجوارح، على ما نوهوا فاستعانوا بنعم الله، عز وجل، على معاصيه، وصرفوها فى غير الوجه الذى له خلقوا، وبه امروا، وله إياها أعطوا، فادبروا من غير غلبة الله، عزوجل، ولا معف، بل أمرتخييرا، ونهى تحذيرا ، هلم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا وكذلك المؤمنون استعملوا مثة الله، سبحانه، التى امتن بها عليهم من الجوارح ورضاه وطاعته، فأنجحوا وأفلحوا، غير مجبورين ولا مكرهين، ومثل ما قد ذكرنا يما احتججنا به عليك، في أنه لا حجة على الله، سبحانه (1)، فيما وهب لهم من الأسماع والابصار والجوارح، بل له به المنة عليهم والحجة.
فمثل ذلك نسألك فنقول لك : أخبرنا عن رجل دفع إليه رسول الله، صلوات الله عليه، صيفا جيدا نفيا صارما، وقال له : خذ هذا السيف، ثم اذهب فقاتل به، بين يدى من خالفنى من المشركين، وجاهد به فى سبيل الله مع المجاهدمن، واحذر أن
Page 264