وتقصر عنها الكمالات في أمور لكنها يتم لها ما لا نسبة له كثرة إلى ما يقصر عنها. فإذا كان كذلك فليس من الحكمة الإلهية أن تترك الخيرات الثابتة الدائمة والأكثرية لأجل شرور في أمور شخصية غير دائمة بل نقول إن الأمور في الوهم إما أمور إذا توهمت موجودة وجودها يمتنع أن يكون إلا شرا على الإطلاق. وإما أمور وجودها أن يكون خيرا ويمتنع أن يكون شرورا وناقصة - وإما أمور تغلب فيها الخيرية إذا وجدت وجودها ولا يمكن غير ذلك بطباعها. وإما أمور تغلب فيها الشرية. وإما أمور متساوية الحالين. فأما ما لا شر فيه فقد وجد في الطباع - وأما ما كله شر أو الغالب فيه أو المساوي أيضا فلم يوجد. وأما الذي الغالب في وجوده الخير فالأحرى به أن يوجد إذا كان الأغلب فيه أنه خير. فإن قيل فلم لم تمنع الشرية عنه أصلا حتى كان يكون كله خيرا فيقال فحينئذ لم تكن هي هي إذ قلنا إن وجودها الوجود الذي يستحيل أن يكون بحيث لا يعرض عنها شر فإذا صيرت بحيث لا يعرض عنها شر فلا يكون وجودها الوجود الذي لها بل يكون وجود أشياء أخرى وجدت وهي غيرها وهي حاصلة أعني ما خلق بحيث لا يلزمه شر ومثال هذا أن النار إذا كان وجودها أن تكون محرقة وكان وجود المحرق هو أنه إذا مس ثوب الفقير أحرقه إذ كان وجود ثوب الفقير أنه قابل للاحتراق. وكان وجود كل واحد منهما أن تعرض له حركات شتى وكان وجود الحركات الشتى في الأشياء على هذه الصفة وجودا يعرض له الالتقاء وكان وجود الالتقاء من الفاعل والمنفعل بالطبع وجودا يلزمه الفعل والانفعال فإن لم تكن الثواني لم تكن الأوائل فالكل إنما رتبت فيها القوى الفعالة والمنفعلة السماوية والأرضية الطبيعية والنفسانية بحيث يؤدي إلى النظام الكلي مع استحالة أن تكون هي على ما هي عليه ولا تؤدي إلى شرور فيلزم من أحوال العالم بعضها بالقياس إلى بعض أن تحدث في نفس صورة اعتقاد ردي أو كفر أو شر آخر في نفس أو بدن بحيث لو لم يكن كذلك لم يكن النظام الكلي يثبت فلم يعبأ ولم يلتفت إلى اللوازم الفاسدة التي تعرض بالضرورة وقيل خلقت هؤلاء للنار ولا أبالي وخلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي وقيل كل ميسر لما خلق له " فإن قال قائل " ليس الشر شيئا نادرا أو أقليا بل هو أكثري فليس كذلك بل الشر كثير وليس بأكثري. وفرق بين الكثير والأكثري فإن ههنا أمورا كثيرة هي كثيرة وليست أكثرية كالأمراض فإنها كثيرة وليست أكثرية. فإذا تأملت هذا الصنف الذي نحن في ذكره من الشر وجدته أقل من الخير الذي يقابله ويوجد في مادته فضلا عنه بالقياس إلى الخيرات الأخرى الأبدية نعم الشرور التي هي نقصانات
Page 238