Nahj Haqq
نهج الحق وكشف الصدق
Genres
ونهى عن بعضها كالظلم والجور ولا يصح ذلك إذا لم يكن العبد موجدا إذ كيف يصح أن يقال له ائت بفعل الإيمان والصلاة ولا تأت بالكفر والزناء مع أن الفاعل لهذه الأفعال والتارك لها هو غيره فإن الأمر بالفعل يتضمن الإخبار عن كون المأمور قادرا عليه حتى لو لم يكن المأمور قادرا على المأمور به لمرض أو سبب آخر ثم أمره فإن العقلاء يتعجبون منه وينسبونه إلى الحمق والجهل والجنون ويقولون إنك لتعلم أنه لا يقدر على ذلك ثم تأمره به ولو صح هذا لصح أن يبعث الله رسولا إلى الجمادات مع الكتاب فيبلغ إليها ما ذكرناه ثم إنه تعالى يخلق الحياة في تلك الجمادات ويعاقبها لأجل أنها لم تمتثل أمر الرسول وذلك معلوم البطلان ببديهة العقل.
مخالفة الجبرية لإجماع الأمة
ومنها أنه يلزم منه سد باب الاستدلال على وجود الصانع (1) على كونه تعالى صادقا والاستدلال على صحة النبوة والاستدلال على صحة الشريعة يفضي إلى القول بخرق إجماع الأمة لأنه لا يمكن إثبات الصانع إلا بأن يقال العالم حادث فيكون محتاجا إلى المحدث قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا فمع منع حكم الأصل في القياس وهو كون العبد موجدا لا يمكنه استعمال هذه الطريقة فينسد عليه باب إثبات الصانع. (2)
(1) في نسخة: والاستدلال على.
(2) توضيحه: أن مختار الأشاعرة: أن الدليل على وجود الصانع، هو الحدوث، فيتوقف إثبات الصانع على قولنا: العالم حادث، وكل حادث محتاج إلى محدث، ولا دليل على الكبرى إلا احتياج أفعالنا إلينا، وقياس سائر الحوادث عليها، في الحاجة إلى محدث، فإذا منع الأشاعرة الأصل، وهو احتياج أفعالنا إلينا، لعدم كوننا موجدين لها، ولم يكن في سواها من الحوادث دلالة على الحاجة إلى المحدث، انسد عليهم باب إثبات الصانع (راجع: دلائل الصدق ج 1 ص 297).
Page 114